[size=18]

قلنا لأحد العلماء النبلاء الأولياء:عظنا موعظة للقلوب موقظة فإن قلوبنا بالذنوب مريضة وأجنحتنا بالخطايا مهيضة فنحن قد أدمنا الذنوب وعصينا علام الغيوب حتى قست منا القلوب .
فقال:وأحر قلباه وكرباه يا رباه ,ياابن ادم تذنب ولست بنادم الأنبياء يبكون والصالحون يشكون . تتابع المعاصي وتستهين بمن أخذ بالنواصي .
ويحك! كيف تلعب بالنار وتستهين بالجبار يغديك ويعشيك يقعدك ويمشيك ثم تنهض على عصيان أمره مع علو قدره وعظيم قهره.
ويلك! هذا الملك كسر ظهور الأكاسرة وقصر بالموت أمال القياصرة وأرغم بالجبروت أنوف الجبابرة الروح الأمين وجل مسكين من خوف القوي المتين,ومحمد يتهجد ويتعبد وهو الذي دعا كل موحد.
أين عقلك يا مغرور هل نسيت يوم العبور وساعة المرور كل طائر من خوفه يخر صريعا وكل كاسر يئن من خشيته وجيعا , أبو بكر انتفض من خوفه كالعصفور وصار صدره بالنشيج يفور, وسقط الفاروق من الخشية على الرمال ,حتى حمل على أكتاف الرجال. وبقي ذو النورين من منظر القبر يبكي يومين وهذا علي بن أبي طالب دموعه من التذكر سواكب ,كان عمر بن عبد العزيز يرتعد ولصدره أزيز ويقول:يا قوم اذكروا صباح ذلك اليوم. ويلك والله لو أن القرآن نزل على صخر لتفجر ولو هبط على حجر لتكسر , وتقرؤه وأنت لاه ساه تتفكر في المنصب والجاه كأن مرور الليالي لا يؤثر فيك وكأن الكلام لا يعنيك تدفن الأباء والأجداد وتفقد الإخوة والأولاد وأنت لازلت في إصرار وعناد . سبحان الله تغتر بالشباب وتتزين بالثياب وتنسى يوم يهال عليك التراب.
لا تغفل عن ذكره ولا تنسى شكره ولا تأمن مكره.
هو الذي عفر بالطين أنف فرعون اللعين وفرق جنوده أجمعين ,إذا غضب دمر المنازل على أهلها وسوى جبالها بسهلها ,شاب رأسك وما خف بأسك وما زال في المعاصي فأسك ,مالك ماتردك الآيات ولاتزجرك العظات ولاتتذكر الأموات مصر مستكبر ترتكب كل أمر منكر.
سمع ابن وهب اية{وإذ يتحاجون في النار} فسقط مغشياً عليه في الدار ثم مات في آخر النهار,سمع عمر بعض السور فبقي مريضاً شهر وصارت دموعه نهر ,قرأ سفيان سورة الزلزلة كأنها أصابت مقتله,بعض الصقور تسقط من السماء وإن من الحجارة لما يتشقق منه الماء وأغمي من الخشية على كثير من العلماء . ويحك خف ربك وراجع قلبك واذكر ذنبك.
موسى خر من الخوف مغشياً عليه مصعوقا,ويوشع صار قلبه من الوجل مشقوقا , وبعضهم أصبح وجهه من الدموع محروقا.
كيف تصبح وتمسي والرسل كل يقول نفسي نفسي .
أعجبتك القصور يامغرور ونسيت القبور ويوم النشور يوم يحصل مافي الصدور.
والذي نفسي بيده ماتساوي الدنيا فتيلة , ولاتعادل في القبر أول ليلة يوم تطرح فيه وليس لك حيلة .استنفق مالك وراجع أعمالك وزن أقوالك.
تشاهد المصارع وتسمع القوارع وتنهال عليك الفواجع ,تنسى الرب ياميت القلب ,الصحابة من الخوف مرضى وطلحة ينادي اللهم خذ من دمي حتى ترضى .
ويلك أنت مهموم بالقرش والفرش والكرش وسعد يهتز لموته العرش ,جعفر تقطعت بالسيوف أوصاله وارتفع بالفرح تهليله وابتهاله , تهاب الوضوء إذا برد الماء وحنظلة غسل قتيلا في السماء .
تعصي حي على الفلاح ومصعب بن عمير قدم صدره للرماح , ماتهتز فيك ذرة والموت يناديك في كل يوم مئة مرة والله لو أن في الخشب قلوب لصاحت ولو أن للحجارة أرواح لناحت .
يحن المنبر للرسول الأزهر والنبي الأطهر وأنت لا تحن ولا تئن ولا يضج بكاءك ولا يرن .
بعض الصالحين أتى لينام فترك الفراش وقام وأخذ يحوم كما تحوم الحمام ,قالوا مالك قال: تذكرت{يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية} وهذه الآية كافية.
سعيد بن المسبب الإمام الحبب والزاهد المقرب ذهبت عيناه من كثرة الدموع وأصفر وجهه من الخشوع وهو مابين سجود وركوع ,يزيد بن هارون الإمام المأمون عمي من البكاء فما أنّ ولا اشتكى .
فقالوا له:مافعلت عيناك الجميلتان .
فقال:أحتسبهما عند الواحد الديان أذهبهما بكاء الأسحار وخوف الواحد القهار .
والله إن فينا عله ننام الليل كله كأنا لسنا من أهل الملة .
الملك حمل الصور لينفخ والملائكة تكتب عليك وتنسخ وأنت بالذنوب ملطخ.
كان ابن المبارك من البكاء يخور كأنه ثور منحور .
وابن الفضيل يموت في الصلاة لأنه سمع من الإمام قرآنا تلاه . ترك ابن أبي ذئب القيام لأمير المؤمنين وقال ذكرت يوم يقوم الناس لرب العالمين . كان ميمون بن مهران كأن عينه نهران حفر له في البيت قبر .إذا رآه فكأنه ينقر في قلبه نقر ياويلاه القبر القبر .
أحد السلف كان يقول يا مغرور إن كنت تظن أن الله لايراك وتفعل هذه الأفعال فأنت شاك فما غرك وألهاك،إن كنت تعلم أنه يبصر أفعالك ويحصي أعمالك ويراقب أقوالك ثم تتجرأ على محارمه وتستهين بمعالمه فقد سلب قلبك وأخذ لبك.
كان ابن تيمية يمرغ وجهه ففي التراب وينادي ياوهاب يافاتح الأبواب الطف بنا ساعة الحساب ,وأنت ميت الإرادة ظاهر البلادة عريض الوسادة .
الملائمة يسبحون الليل والنهار لا يسأمون يذكرون ربهم لا يملون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ولم يعملوا سيئات ولم يقترفوا خطيئات ولم يرتكبوا موبقات ونحن أهل العصيان والتمرد والنكران ومع هذا ترانا لاعبين وفي طريق اللهو ساريين ولكأس الغفلة شاربين ,الأمر فصل وجد ليس بالهزل يوم قمطرير شره مستطير تكاد القلوب منه تطير تذهل المرضعة عما أرضعت وتسقط الحامل ماحملت وترى كل نفس ماعملت الخلائق تضيق نفوسهم والولدان تشيب رؤوسهم.
أراد علي بن الحسين أن يلبي عالراحلة فسقط من الخوف بين القافلة فلما أفاق قال للرفاق:أخشى أن أقول لبيك فيقول لا لبيك ولا سعديك مع إنه زين العابدين وريحانة المتهجدين لكن القوم عرفوا ربهم فبكوا ذنبهم وجمعوا خوفهم وحبهم , فيا صاحب العين التي لاتدمع والنفس التي لاتشبع والقلب الذي لا يخشع إلى متى تؤجل التوبة؟!
العمر قصير والشيب نذير والدار جنة أو سعير, نراك تضحك كأنك أتاك أمان من الملك الديان .
مالك لاتحزن ؟!هل عبرت الصراط حتى تأمن الندم على ما فرطت أحسن.
يامسكين:إبراهيم الخليل وهو النبي الجليل بكى ذنبه ودعا ربه وقال{الذي أطمع أن يغفرليي خطيئتي يوم الدين} فكيف بنا نحن المذنبين , خلقك فسواك وأطعمك وسقاك وأواك وكساك ومن كل بلاء حسن أبلاك ثم تعصيه وهو يراك .
نسجت لنا الأكفان أعمارنا ونظل نضحك مالنا تفكير

أوما ذكرت القبر أول ليلة يلقاك فيها منكر ونكير


اعلموا جمييعاً أن:
أحسن ماء دموع االتائبين وأعظم حزن حزن المنبين وأهنأ نعاس نعاس المتهجدين وأجمل لباس لباس المحرمين .
ماألذ جوع الصائمين ما أسعد تعب القائمين ما أكرم بذل المتصدقين .
أين المباني والمغاني أين الغواني والأغاني أين الأفراح والتهاني أين من شاد وساد أين ثمود وعاد أين قحطان وعدنان وفرعون وهامان أين ملك سليمان أين أصحاب الأكاليل والتيجان
كل من عليها فان
فهل زرت المقابر أم هالتك تلك المناظر أم رأيت القوم صرعى والدود في عيونهم يرعى عن الحديث سكتوا وعن السلام صمتوا ,الظالم بجانب المظلوم والمنتصر بجانب المهزوم والضعيف مع الأمير والغني مع الفقير وانظر الى المغمور والمشهور والغالب والمقهور ذهب الحسن والجمال والجاه والمال وبقيت الأعمال أموات يتجاورون.
سكتت الأصوات وفي أعماقهم أخبار
وجافاهم الأصحاب والزوار
وتغيرت تلك الوجوه وأصبحت
بعد الجمال على الجفون غبار.
ماذا أعددت عندما توقف يامن هجر المصحف .
الزبير بن العوام بطل الإسلام جسمه كله جراح من آثار السيوف والرماح.
وخالد بن الوليد الشجاع الفريد يمزق جسمه بالسهام ويخطط بدنه بالحسام لينتصر الإسلام , بلال بن رباح يسمع حي على الفلاح فيجيب لسان حاله لبيك منادي الإصلاح يصهر جسمه على الحجارة ليصبح مؤذن الإسلام على المنارة يعذبونه وفي الرمضاء يذيبونه لأنه ذاق قل هو الله أحد الله الصمد يضرب رأسه ويكتم نفسه فما يزيده ذلك إلا إصرارا وفي طريق الحق استمرارا.


لا تحسب الأنساب تنجيك من لظى
ولو كنت من قيس ولعبد مران
أبو لهب في النار وهو ابن هاشم
وسلمان في الفردوس وهو من خراسان

لما حضر الصحابة مدينة تستر وسل كلا منهم سيفاً أبتر فنادوا بطل المعارك الذي يلقي نفسه في المهالك نعني البراء بن مالك والذي قال فيه المعصوم يوم رآه عن الدنيا يصوم رب أشعث ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره فكان البراء لعين الإسلام قرة قال الصحابة يابراء اقسم على رب السماء والغبراء على أن ينصرنا على هؤلاء الحقراء فأقسم على الله بالنصر وأن يكون أول قتيل بعد العصر ثم لبس أكفانه وودع اخوانه فسل الحسام وفلق الهام وانتصر جند الإسلام.
الذيي لا يحضر صلاة الصبح لا يطمع في الربح وليس بيننا وبينه صلح تريد نصر الإسلام وأنت لا تحافظ على تكبيرة الإحرام السلف الصالح والجيل الناصح أعطوا الإسلام الأموال والدماء فأصبحت هاماتهم في السماء وأنت ماذا أعطيت وماذا لدينك أهديت ولأمتك أسديت حتى حميت عشت بين لعل وليت ومادريت بأنك في الخسارة .



متى يستفيق من عقله في غشاواه

ومطلبه في هذه الأرض دينار

لقد خلف البازي فينا حمامة

وأصبح بعد الليث في دارنا فار


قلبك من الذنوب مجروح ولاتبكي ولاتنوح كأنك جسد بلا روح .
الغراب قتل اخاه ثم ندم فوراه ودفنه وبكاه وأنت قتلت نفسك بالكبر والرياء وما منعك الحياء كأنك ليس من الأحياء ,النملة أنذرت بنات جنسها غعادت الى رمسها تبقي لقوت يومها من أمسها ,وأنت تجاهر الواحد القاهر الباطن الظاهر بالمعاصي والكبائر .
مالك في دنياك تتبلد وفي غيك تتردد وما فعلت كما فعل الفيل وجهوه لهدم البيت فنادى لسان حاله ياابرهه ضللت وماا اهتديت وظلمت واعتديت والله لا أنقل الى البيت القدم وأموت هنا وكعبة الله لا تنهدم .
الفيل يلوي عن المعصية رأسه ويبرد عن المخالفة حماسة وأنت لايردك عن الخطيئة باب ولايحجزك عن السيئة حجاب لا تستهن به فإنه قوي ولاتمن عليه فإنه غني .أهلك ثمود في ناقة وألحق عاداً بالساقة حطم سد سبأ بفارة وأحرق إرم ذات العماد بشرارة ومزق أعداءه بغارة ,اعتق رقبتك من النار وانقذ نفسك من البوار .
هذا عثمان بن عفان سمير القرآن جهز جيش العسرة وأفطر على كسرة وقرأ القرآن يومه وشرى بئر رومه وأنت تريد الجنة وصدقتك بالممنة وقد هجرت السنة.
علي بن أبي طالب قدم رأسه للشب وصار جسمه بالدماء مخضب وذبح عدو الله مرحبا وأنت ما حضرت قتالا ولا أنفقت مالا وماذقت في سبيله قتالا.
ألف البخاري لك صحيح وجمع لك حديث مليح كانن يصلي عن كل حديث ركعتين وعرض عليه كتابه مرتين ثم هجرت صحيحه ولم تقبل النصيحة أعرضت عن أصح المؤلفات وأقبلت على الصحف والمجلات.
جمع أحمد المسند بالرأي المسدد والصدق المجرد والورع المجود طاف الدنيا على الأقدام من صنعاء الى دار السلام فلما أصبح المسند لديك مطبوعا مقروءا مسموعا جعلته في بيتك وسادة وما فتحت جلاده ولاذقت زاده.
ألف جرير كتاب التفسير وحرره أيما تحرير فهو لكل مؤمن سمير وبكل نفع جدير فأغلقت عليه زنزانة كأنك ماعرفت شانه ولا شكرت احسانه واستبدلته بكتاب ألف ليلة وليلة وجعلته الى اللهو وسيلة وللعب خميلة ولطلب الدنيا حيلة تغفل الآيات البينات والحكم البالغات والنصائح والعظات وتقبل على كتاب الأغاني للأصفهاني وهو فيما قال جاني.


أسأل الله بالاسم الأعظم والوصف الأكرم فإنه الأعلم الأحلم الأحكم أن يهدي قلبي وقلبك وأن يغفر ذنبي وذنبك وأن ينير بالوحي دربي ودربك .


وهكذا انتهى الموضوع ولكن أتمنى أن لا ينتهي أثره في نفوسكم وياليتكم تشاركوا من تحبون معنا في أخذ الأجر وترسله الى كل من تستطيع ارساله اليه.
والى اللقاء حتى نلتقي في موضوع آخر وأسأل الله أن يكون آخر لقاءنا الجنة


[/size]