التأمين حرام بجميع أنواعه سواء كان على النفس أو البضائع التجارية أو العقارات أو على جزء من الإانسان كالحنجرة أو الساقين أو العينين و سواء كان ضد الحريق أو الحوادث و ذلك لما ينطوى عليه من ربا و قمار و غرر و هذا هو الذى ذهب اليه أكثرية علماء مجلس المجمع الفقهى المنعقد بمكة المكرمة. كما ورد ايضا فى فتاوى دار الإافتاء المصرية .
و قد بنوا هذا الحكم على عدة امور منها:
1- أن عقد التأمين التجارى من عقود المعاوضات المالية الاحتمالية المشتملة على الغرر الفاحش لأن المستأمن لا يستطيع ان يعرف وقت العقد مقدار ما يعطى أو يأخذ و قد يدفع قسطا أو قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن و قد لا تقع الكارثة أصلا فيدفع جميع الأقساط و لا ياخذ شيئا. و كذلك المؤمن لا يستطيع ان يحدد ما يعطى و يأخذ بالنسبة لكل عقد بمفرده,و قد ورد فى الحديث عن النبى صلى الله عليه و سلم النهى عن بيع الغرر.
2- عقد التأمين التجارى صورة من صور المقامرة لما فيه من المخاطرة فى معاوضات مالية و من الغرم بلا جناية أو تسبب فيها و من الغنم بلا مقابل أو مقابل مالية غير مكافىء, فإن المستأمن يدفع قسطا من التأمين ثم يقع الحادث فيغرم المؤمن كل مبلغ التأمين و قد لا يقع الخطر و مع ذلك يغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل
و إذا استحكمت فيه الجهالة كان قمارا و دخل فى عموم النهى عن الميسر لقوله تعالى:
( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر و الميسر و الأانصاب و الأزلآم رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون.)
( الاية رقم 90 من سورة المائدة).
3- عقد التأمين التجارى يشتمل على ربا الفضل و النسأ فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا الفضل و المؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة فيكون ربا نسأ و إذا دفعت الشركة للمستأمن مثلما دفعه لها يكون ربا نسأ فقط و كلاهما محرم بالنص و الإجماع.
4- عقد التأمين التجارى من الرهان المحرم لأن كلا منهما فيه جهالة و غرر و مقامرة و لم يبح الشرع من الرهان إلاما فيه نصرة للإسلام و قد حصر النبى صلى الله عليه و سلم رخصة الرهان بعوض فى ثلاثة بقوله صلى الله عليه و سلم
(لا سبق إلا فى خف أو حافر أو نصل)
و ليس التأمين من ذلك و لا شبيها به فكان محرما.
5- عقد التأمين التجارى فيه أخذ مال الغير بلا مقابل, و الأخذ بلا مقابل فى عقود المعاوضات التجارية محرم لدخوله فى عموم النهى فى قوله تعالى:
( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم)( الاية رقم 29 سورة النساء.)
6- فى عقد التأمين التجارى الإلزام بما لا يلزم شرعا فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه و لم يتسبب فى حدوثه
و إانما كان مجرد التعاقد مع المستأمن على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ يدفعة المستأمن له
و المؤمن لم يبذل عملا للمستأمن فكان حراما.
ما يترتب على القول بحرمة التأمين
المسلم لا يجوز له أن يقدم على مثل هذا التعامل اختيارا,أما لو استكره عليه فلا إثم و لا ذنب,و لذلك وجب التفريق بين حالات الاضطرار و الاختيار, و لا يصح العمل بشركات التأمين و الحال ما ذكر, فهذا من التعاون على الإثم و العدوان
وإن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه, و لا تعتبر قيمة التأمين تركة تقسم بين الورثة و يصح أخذ القدر الذى دفع فقط و يقسم بين الورثة بحسب الفريضة الشرعية, و ما زاد على ذلك فيتفق فى مصالح المسلمين و لا نستبقيه إلا لو كان احتياج الإنسان من جملة هذه المصالح كأن كان احتياجه فى سداد دين أو نفقة عيال واجبة, ثم لو كان الانسان قد تورط فى التأمين على الحياة أو نحوه فعليه ان يسارع و يبادر بالتوبة و الاستغفار و الإكثار من الحسنات الماحية و يحسب أصل رأس ماله الذى دفعه للشركة إن استطاع.
جواز التأمين التعاونى بدلا من التأمين التجارى
قرر مجلس المجمع بالإجماع الموافقة على قرار مجلس هيئة كبار العلماء فى المملكة العربية السعودية,
من جواز التأمين التعاونى بدلا من التأمين التجارى للأدلة الآتية:
1- أن التأمين التعاونى من عقود التبرع التى يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار و الاشتراك فى تحمل المسئولية عند نزول الكوارث و ذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر,
فجماعة التأمين التعاونى لا يستهدفون تجارة و لا ربحا من أموال غيرهم و إنما يقصدون توزيع الأخطار و التعاون على تحمل الضرر.
2- خلو التأمين التعاونى من الربا بنوعيه ربا الفضل و ربا النسأ فليست عقود المساهمين ربوية و لا يستغلون ما جمع من الأقساط فى معاملات ربوية.
3- أنه لا يضر جهل المساهمين فى التأمين التعاونى بتحديد ما يعود عليهم بالنفع لانهم متبرعون فلا مخاطرة و لا غرر
و لا مقامرة بخلاف التأمين التجارى فإنه عقد معاوضة مالية تجارية.
4- قيام جماعة من المساهمين أو من يمثلهم باستثمار ما جمع من الأقساط لتحقيق الغرض الذى من أجله أنشىء هذا التعاون سواء كان القيام بذلك تبرعا أو مقابل أجر معين , و رأى المجلس أن يكون التأمين التعاونى على شكل شركة تأمين تعاونية مختلطة تلتزم بالفكر الاقتصادى الإسلامى الذى يترك للأفراد مسئولية القيام بمختلف المشروعات الاقتصادية و لا يأتى دور الدولةإلا مكملا كعنصر لما عجز الأفراد عن القيام به و كدور موجه و رقيب لضمان نجاح هذه المشروعات
و سلامة عملياتها,
و أن يكون لمنظمة التأمين التعاونى مركز له فروع فى كافة المدن و أن يكون بالمنظمة أقسام تتوزع بحسب الأخطار المراد تغطيتها و بحسب مختلف فئات و مهن المتعاونيين كأن يكون هناك قسم للتأمين الصحى و ثان للتأمين ضد العجز
و الشيخوخة....................الخ
أو يكون هناك قسم لتأمين الباعة المتجولين و آخر للتجار و ثالث للطلبة و رابع لأصحاب المهن الحرة كالمهندسين
و الاطباء و المحامين ......................................... الخ.
و أن يتولى وضع المواد التفصيلية لهذة الشركة التعاونية جماعة من الخبراء المختصين فى هذا الشان.
و كما ترى فهذا هو البديل الصالح لصور التأمين المحرمة,و من السهل اليسير تطبيقه باذن الله إذا صفت النفوس و تجردت القلوب ووضعنا شرع الله نصب أعيننا.



(نقلا عن كتاب أخطاء شائعة فى البيوع و المعاملات للشيخ د.سعيد عبد العظيم)