همس أصحاب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

همس أصحاب دخول

نهتم بكم لأنكم الأهم . عائلة همس أصحاب


descriptionابنه تاجر الخيول (دي اتش لورانس) (1) Emptyابنه تاجر الخيول (دي اتش لورانس) (1)

more_horiz
ابنة تاجر الخيول

"
طيب، مابيل، وماذا ستفعلين بنفسك؟"، سأل جو، بذلاقة لسان سخيفة. شعر أنه في غاية الأمان.ودون أن يصغي إلى أي جواب، استدار جانباً، نقل حبة تبغ إلى طرف لسانه، وبصقها إلى الخارج. لم يكنْ يكترث بأي شيء، طالما أنه هو نفسه يحس بالأمان، وبمنأى عن الأذى.
كان الأشقاء الثلاثة والأخت جالسين حول مائدة الفطور المقفرة، يحاولون أن يتشاوروا فيما بينهم تشاوراً مفككاً بعض الشيء. نقر بريد الصباح النقرة الأخيرة على مصائر أفراد العائلة، وانتهى كل شيء. أما حجرة الطعام الموحشة نفسها، بقطع أثاثها الثقيل المصنوع من خشب الماهوغاني، فقد بدت كما لو أنها تنتظر من يتخلص منها.
لكن المشاورة لم تسفر عن شيء. هيمن على الرجال الثلاثة جو غريب من العقم واللاجدوى، بينما كانوا منتشرين من غير اتساق حول المائدة، يدخنون ويفكرون ملياً وبصورة مبهمة في حالهم. الفتاة وحيدة، قصيرة القامة نوعاً ما، شابة في السابعة والعشرين، متجهمة الوجه. لم تكنْ تشاطر إخوتها الثلاثة الحياة ذاتها.
لو كانت تحيا على غرارهم لبدت حسنة المظهر، ولحافظت على الاستقرار الرائق لسحنتها، سحنة "كلب بلدوغ"، كما يقول أشقاؤها.
كان ثمّة وقع مشوش لقوائم الخيل في الخارج. تحرك الرجال الثلاثة كلهم في كراسيهم كي يراقبوا ماسيحدث، خلف شجيرات الأيلكس الداكنة التي تفصل شريط المرجة عن الطريق العام؛ يمكنهم أن يروا موكباً من الجياد الإنكليزية المخصصة للجرّ تتمايل خارج زريبتها الخاصة، وهي في طريقها إلى التمرّن. كانت هذه آخر مرة. هذه آخر الجياد التي ستفلت من أيديهم. كان الشبان الثلاثة مذعورين من تدهور حياتهم، وإن شعورهم بالكارثة التي أحاطتهم جميعاً لم يُبقِ لديهم أيَّ إحساس بالحرية الداخلية.
ومع ذلك فقد كانوا ثلاثة شبان جميلي الطلعة، أقوياء الأبدان بصورة كافية. كان جو، الأكبر سناً، رجلاً في الثالثة والثلاثين، وسيماً ومتحرراً، يشع حيوية وعافية. وجهه أحمر، كان يفتل شاربه الأسود على إصبع سميك، أما عيناه فكانتا قلقتين غير عميقتين. كانت له طريقة حسية في الكشف عن أسنانه، عندما يقهقه، أما مشيته فكانت حمقاء. هاهو الآن يراقب الأحصنة بعينين تكسوهما غشاوة شبه زجاجية جرّاء القلق وعدم الارتياح، يخالطهما شيء من الذهول الناجم عن تردي الحالة المعاشية.
أحصنة الجر الضخمة تأرجحت أثناء سيرها. كانت مربوطة الواحد عكس الآخر، الرأس إلى الذيل، كانت أربعة جياد، تبذل جهداً للوصول إلى ممر ضيّق متفرع من الطريق العامة، زارعةً حوافرها الضخمة بصورة هازئة في الطين الأسود الناعم، مؤرجحةً أكفالها المدورة الكبيرة بترف. ركضتْ خبباً خطوات قليلة مفاجئة فيما كانت تُساق إلى الممر الضيق، في المنعطف. كل حركةٍ من حركاتها كانت تنم عن قوة هائلة هادئة، وعن حماقةٍ جعلتها حبيسة الخضوع. سائس الخيل الذي في المقدمة تطلع إلى الوراء، هازاً حبل القيادة. وتوارى موكب الخيل عن الأنظار مختفياً في المجاز، وكان ذيل الحصان الأخير بارزاً للأعلى، متوتراً وصلباً، مشدوداً ومقيداً بالأكفال الضخمة المتأرجحة بينما هي تتمايل خلف أسيجة الشجيرات في حركةٍ أشبه ماتكون بالنوم.
كان جو يراقب ذلك بعينين يائستين، تكسوهما غشاوة شبه زجاجية، كانت الجياد بالنسبة له مثل جسده هو تقريباً، يشعر هو الآن أنه مرهق حدّ الأعياء. لحسن الحظ كان هو قد خطب امرأة في مثل سنه، ومن هنا فإن أباها، الذي كان موظفاً مالياً في مقاطعة مجاورة، سوف يجد له مهنةً. سيتزوج هو ويُشد إلى نير. حياته انتهت، وأمسى هو الآن حيواناً مطيعاً.
تنحى جانباً بارتباك، وقع حوافر الخيول المنسحبة لما يزل يتردد صداه في أذنيه. ومن ثم، بارتباك سخيف، مدّ أصابعه إلى بقايا لحم الخنزير المقدد في الصحون، صفّر بصوت ضعيف، ثم قذف البقايا إلى كلب ترير المستلقي لصق سياج المدفأة. راقب الكلب وهو يبتلعها، وانتظر ريثما يحدّق الحيوان في عينيه، ثم بانت على محياه تكشيرة طفيفة، وقال بصوت عال وسخيف:
-"لن تنال مزيداً من لحم الخنزير، ماذا يمكنك أن تفعل، أنت أيها الكلب الصغير؟"
هز الكلب ذيله بحركةٍ مترددة وكئيبة؛ ثم خفض كفليه، استدار، واستلقى ثانيةً.
هيمن سكون بائس آخر عند المائدة، تململ جو في مقعده، غير راغب بالمغادرة إلى أن ينفض الاجتماع العائلي. فريد هنري، الأخ الثاني، كان منتصب القامة، أنيقاً، ويقظاً. راقب هو مرور الجياد بمزيد من رباطة الجأش. لو كان هو حيواناً، مثل جو، فإنه حيوان مسيطر وليس مسيطر عليه. كان سيداً لأي حصان من الأحصنة، وكان يمتاز بقدرٍ معتدل من التفوق والسيطرة، لكنه لم يكنْ بارعاً في معالجة تعقيدات الحياة. دفع شاربه البني الخشن إلى الأعلى، بعيداً عن شفته، ونظر بانفعال إلى شقيقته، التي كانت جالسةً بلا حراك، وعلى وجهها تلوح سيماء الغموض.
"ستذهبين وتمكثين عند لوسي بعض الوقت، أليس كذلك؟"، سأل هو. الفتاة لم تجبْ.
"لا أدري ماذا ستفعلين غير ذلك"، قال فريد هنري بإصرار.
"اذهبي كخادمة"، قال جو محرّفاً النص بصورة مقتضبة.

الفتاة لم تحرك ساكناً

descriptionابنه تاجر الخيول (دي اتش لورانس) (1) Emptyرد: ابنه تاجر الخيول (دي اتش لورانس) (1)

more_horiz
منزل 5 اجزاء مرة واحدة


ماشي يا استاذنا وادينا خلصنا من اول جزء ان شاء الله بكرة ارد عليك فيهم


تقبل احترااااااااامي لك
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى