أحمد بن بلة رئيس الجمهورية الجزائرية
أحمد بن بلة رئيس الجمهورية الجزائرية
أحمد بن بلة رئيس الجمهورية الجزائرية


أحمد بن بلّة

(25 ديسمبر 1916 -11 أبريل 2012)، أول رؤساء الجزائر بعد الاستقلال، من 29 سبتمبر 1962 إلى19 يونيو 1965. هو أحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني في عام 1954. سجنته الحكومة الفرنسية بالفترة من 1954 إلى 1962، وبعد الاستقلال أصبح رئيساً للجزائر حتى خلعه هوارى بومدين

أحمد بن بلة رئيس الجمهورية الجزائرية 220px-Khider_-_Lacheraf_-_A%C3%AFt_Ahmed_-_Boudiaf_-_Ben_Bella
بن بلة يمين الصورة

كان أحمد بن بلة يثق ثقة عمياء في وزير دفاعه هوارى بومدين،
فهذا الأخير هو الذي نصبّ بن بلة على رأس الدولة الجزائرية الفتية وهو
الذي مهدّ له الطريق باتجاه قمة هرم السلطة، ولم يكن بن بلة يتوقع أن يكون
الانقلاب على يد هواري بومدين. وبومدين الذي أطاح بأحمد بن بلة بانقلاب كان
يعتبر أن بن بلة خرج عن خط الثورة الجزائرية واستأثر بالسلطة وكان يتهمه
بالديكتاتورية والشوفينية وكان يأخذ عليه احتكاره لتسعة مناصب حساسة في وقت
واحد، وكان بومدين يقول أنه لجأ إلى الانقلاب انقاذا للثورة وتصحيحا
للمسار السياسي وحفاظا على مكتسبات الثورة الجزائرية


غداة الانقلاب عليه وضع أحمد بن بلة في فيلا خاصة في منطقة شبه معزولة ولم يسمح لأحد بزيارته، ولم تجد تدخلات جمال عبد الناصر
الشخصية في إطلاق سراحه، وذهبت سدى كل المحاولات التي قام بها رؤساء الدول
الذين كانت تربطهم بابن بلة علاقات صداقة. وعن فترة اعتقاله التي استمرّت
15 سنة قال أحمد بن بلة أنّه استفاد من أجواء العزلة واستغلّ أوقاته في
المطالعة والقراءة حيث بدأ يتعرف إلى الفكر الإسلامي وغيره من الطروحات
الفكرية.وقد تزوجّ وهو في السجن من صحافية جزائرية تعرفت عليه عندما كان
رئيسا للدولة الجزائرية

عندما وصل الشاذلى بن جديد إلى السلطة سنة 1980 أصدر عفوا عن أحمد بن بلة حيث غادر الجزائر متوجها إلى باريس ومنها إلى سويسرا في منفى اختياري

عندما كان في باريس أسسّ حزبا أطلق عليه اسم الحركة من أجل
الديموقراطية، وكانت هذه الحركة تصدر مجلتين هما البديل وبعده منبر أكتوبر
تيمنا بانتفاضة أكتوبر الجزائرية سنة 1988. وقد عارض نظام الشاذلي بن جديد
وحزب جبهة التحرير الوطني والأحادية السياسية، وكان يطالب بحياة سياسية
تتسم بالديموقراطية واحترام حقوق الإنسان. وبعد دخول الجزائر مرحلة
الديموقراطية التنفيسية عقب خريف الغضب في 05 تشرين الأول – أكتوبر – 1988
عاد أحمد بن بلة إلى الجزائر على متن باخرة أقلعت من أسبانيا وكان برفقته
مئات الشخصيات الجزائرية والعربية والأجنبية، وواصل في الجزائر معارضته
للنظام الجزائري من خلال حركته من أجل الديموقراطية. ولم يحقق حزب أحمد بن
بلة أي نجاح يذكر أثناء الانتخابات التشريعية الملغاة والتي جرت في 26
كانون الأول –ديسمبر 1991 وعلى الرغم من ذلك فانّ أحمد بن بلة كان معترضا
على الغاء الانتخابات التشريعية وكان يطالب بالعودة إلى المسار الانتخابي
وكان يعتبر المجلس الأعلى للدولة – رئاسة جماعية – الذي تشكل بعد الغاء
الانتخابات واقالة الشاذلي بن جديد سلطة غير شرعية.


وعندما حلّت الجبهة الإسلامية للانقاذ من قبل السلطة الجزائرية اعترض
على ذلك وغادر الجزائر مجددا وتوجه إلى سويسرا ومافتئ هناك يطالب بالمصالحة
الوطنية المؤجلة وعاد إلى الجزائر مجددا وقابل عندها رئيس الحكومة بلعيد
عبد السلام الذي قال لبن بلة : أن هناك مجموعة من الضباط يقفون ضد الحوار
وطلب بلعيد من بن بلة التحرك لقص أجنحة رافضي الحوار -د سباك

عندما سئل بن بلة بعد خروجه من السجن وتوجهه إلى فرنسا ومنها إلى سويسرا
هل أنت لائكي –علماني – أجاب بأنّه ليس لائكيا وليس من دعاة اللائكية ،و
هي نتاج غربي محض وجاءت لتحلّ محل الكنيسة ونجم عن ذلك الفصل ما بين الدين
والدولة ومن يدعو إلى اللائكية كما قال بن بلة فهو يريد أن يلبس جلدا غربيا
لجسد إسلامي، انّه يريد تغريب مجتمعه ويبعده عن الحضارة الإسلامية الاطار
الصحيح لأي منظور سياسي في الحكم. وفي هذا المجال أيضا قال بن بلة أنه يرفض
حكم الفقهاء وأنّه ليس خمينيا ولا يلبس عباءة أي شخص، أنّه مجرد مواطن
جزائري ومناضل في حزب الشعب ثمّ حركة انتصار الحريات الديموقراطية ثمّ
مجاهد في أول نوفمبر وأحد مناضلي جبهة التحرير الوطني كما قال بن بلة عن
نفسه.


وقال بن بلة : أنا أفتخر بأنني أحد مناضلي جبهة التحرير الوطني التي
كانت تتويجا للنضالات الجزائرية من الأمير عبد القادر الجزائري مرورا
بأولاد سيدي الشيخ والمقراني والشيخ الحدّاد وبومعزة بوزيان والزعاطشة،
ومذبحة 08 ماي – أيّار 1945 في قالمة وسطيف وخراطة وهي سلسلة نضالات
وانتفاضات شعبية متكاملة نابعة من فيّمنا العربية والإسلامية، أنا أنطلق من
هذه القيم مجتمعة.


وسئل بن بلة عن رأيه في الذين قادوا انقلابا عليه ووعدوا الشعب الجزائري
بكتاب أبيض فأجاب : ليس من حقي أن أقول للشعب الجزائري ما يعرفه ويحس به
يوميا، أنا لن أطالبهم بالكتاب الأبيض لأن الشعب الجزائري يدرك من أعماقه
ذلك، أولم يعدوا الشعب الجزائري في 19 جوان – حزيران 1965 –تاريخ الانقلاب
على حكم أحمد بن بلة – بإنشاء دولة القانون واحترام كل المؤسسات السياسية
والتشريعية القائمة ! أين هي الدولة ! أو لم ينهوا مسيرة المجلس الشعبي
الوطني ! قال أحمد بن بلة والذي استطرد قائلا : أولم يلغوا اللجنة المركزية
والمكتب السياسي !


وسئل بن بلة عن الثقافة في الجزائر فقال : هل توجد ثقافة في الجزائر !
هل يوجد في ذهن مسؤول جزائري تقلدّ وزارة الثقافة مشروع ثقافي ! ألم يهن
الكتاب والمفكرون !


وسئل عن الدولة في عهده فقال : أنا الذي كونت الدولة الجزائرية بعد
استرجاع السيادة الوطنية، وهذا شرف أفتخر به، ذلك أن اتفاقيات ايفيان –وهي
التي أفضت إلى استقلال الجزائر – فرضت ضرورة وجود طرف قويّ لتحمل المسؤولية
وكان لابدّ لنا من اللجوء إلى الانتخابات الشعبية وتأميم أراضي الكولون،
ما يقرب من 03ملايين هكتار وأراضي الباشاوات – الجزائريون الذين كانوا
يتعاملون مع السلطات الفرنسية وجمعوا ثروات جرّاء هذه العمالة -، وأعتقد أن
المشروع الحقيقي للثورة الزراعية بدأ في عهد تأميمنا للأراضي التي لم تكن
للجزائر وانما للكولون – المستعمرين – وعملائهم. وقال بن بلة : وقد لجأت
إلى التسيير الذاتي وتأميم البنوك وانتهاج سياسة خارجية فعالة لمدّة لم
تتجاوز السنتين والنصف، ولم تكن في أيدينا أموال النفط والغاز، ومع ذلك
قمنا بحل الكثير من المشاكل الاجتماعية وقضينا على ظواهر عديدة مثل ظاهرة
المتسولين وماسحي الأحذية وغيرها. وقمنا بحملات ضخمة للتشجير ومحاربة
التصحّر، وكانت المدينة نظيفة بشوارعها وسكانها ولم تكن هناك أفكار تحقد
على الثورة كما هو الآن، كان المواطن الجزائري مستعدا للتضحية في سبيل
وطنه، ولم تكن هناك ظاهرة الرشوة كما هو الآن.


وسئل عن موقفه من اللغة العربية والبربرية ! ولماذا لجأ في عهده إلى محو
الأمية باللغة الفرنسية ! فأجاب : أعتبر أنه من العيب أن نأتي بعد ربع قرن
لنسأل عن موقفنا من اللغة العربية، أنا ضدّ من يطرح أي لغة أخرى مهما
كانت، فعلى مستوى اللغة العربية فهي لغتنا الوطنية، ولا يمكن التخلي عنها
أو تشجييع أي لغة أخرى منافسة لها، أنا بربري في الأصل وتراثي البربري
تدعيم لأصالتي العربية والإسلامية ومن ثمّة لا أسمح بوجود لغتين وطنيتين :
عربية وبربرية، انّ اللغة الوطنية الوحيدة هي اللغة العربية، أما البربرية
فتدخل في حيّز التراث الذي يتطلب منا إثراؤه ودعم الإيجابي منه.


وردّ على الاتهام بقوله : بدأنا بمحو الأمية بالفرنسية، و لم يكن عندنا
ما يكفي من المعلمين باللغة العربية لتسيير مؤسسة تربوية واحدة وقد لجأنا
لاحقا إلى التعريب، لقد أحضرنا جيشا من الأساتذة من مختلف الأقطار العربية
وشرعنا في اعداد برنامج وطني للتعليم في مختلف مستويات التعليم.و كناّ نعد
لاصدار قرار بعد قرار التسيير الذاتي يقضي بتعريب الجامعة، وقام السيد
الطاهر الذي كلفته باعداد المشروع القاضي بدراسة مختلف المؤسسات التعليمية
واحتياجاتها وبرامجها الاّ أن الانقلاب كان أسبق من الاعلان عن المشروع
الوطني للتعريب وكنا ندرك جيدا أهمية تعريب الجامعة وهذا لا يعني أنه لم
يكن هناك برنامج للتعليم بل لقد بدأنا بالتعليم الأصلي.


وسئل بن بلة عن وفائه لجمال عبد الناصر فقال :أنا وفيّ لفكر جمال عبد
الناصر لأنني أعتبره رجلا عظيما ساهم في دعم الثورة الجزائرية أكثر من أي
شخص آخر في الوطن العربى الذي تحكمه أطراف متناقضة ومتباينة مثل عبد الاله في الأردن ونورى السعيد
في العراق وعبود السودان وكانت تعيش تابعة للغير ،باستثناء عبد الناصر
الذي كان يمثل الوفاء للثورة الجزائرية في مختلف مراحلها، والجزائريون
مدينون لهذا الرجل وأظن أنّ خروج الشعب الجزائري إلى الشارع يوم وفاته كان
دليلا على وجوده في وجدانهم وضمائرهم.


عما يريده من الجزائر بعد ثلاثين سنة من استقلالها قال : ما أطالب به هو
تحرير البلاد - أي الجزائر – من التبعية والرجوع إلى الأصل العربي
والإسلامي ووضع حدّ للهيمنة الرأسمالية الغربية واقامة وحدة بين الدول
المغاربية ….. ذلك هو أحمد بن بلة اليوم بعيدا عن السلطة التي يبدي ندمه
الكبير على سنوات وجوده في قمة هرمها، بن بلة اليوم غيره البارحة، وبن بلة
الثائر غير بن بلة السلطوي وكلاهما غير بن بلة المعارض، ومهما قيل ويقال عن
بن بلة ومرحلة حكمه يبقى الرجل رمز من رموز الرجال الذين ساهموا في تحرير
الجزائر من ربقة الاستعمار الفرنسي.