[size=16][b]بسم الله الرحمن الرحيم
إلى ...

الرجال.... المصريين....



الزمان : الساعة الحادية عشر مساء / أحد أيام شهر فبراير من سنة 2004

المكان : القاهرة .. قصر القبة ... وبالتحديد أمام مبنى جهاز المخابرات
العامة المصرية.

السبب في التواجد هناك وفي مثل هذا الوقت : مس من جنون – هذا على حد تعبير
أحد أصدقائي الذي كان برفقتي ، والذي ما انفك يستعيذ ويحوقل ويبسمل ويلعن
أبا الذي كان السبب في موقفه هذا – أو شئ آخر ، ربما يكشف عن نفسه فيما
بعد...

أحاسيس جمة ومتداخلة ، تلك التي أخذت تعتمل بداخلي وأنا أقف أمام هذا
المبنى الضخم والغامض.

أهنا يعمل هؤلاء الأسود الذين أسمع عنهم قصصا تصل لمرتبة الأساطير ؟؟ أفي
هذا المكان تتداول أكثر الأمور سرية وأخطرها ؟؟ أهذا الهوائي الهائل الذي
يعتلي قمة أحد مباني الجهاز هو المسئول عن اعتراض البرقيات الشفرية التي
ترسل من وإلى مصر ؟؟

يا إلهي ..!! إنني بالفعل أقف في أخطر بقعة في مصر كلها ، وأكثرها رعبا ..
فمن هو المجنون الذي يفعل ما أفعله أنا الآن !!؟؟

أليس من المحتمل أن تُفتح الآن إحدى هذه البوابات الالكترونية ليخرج منها
عددٌ من الرجال الأشداء ، بأجسادهم الممشوقة ، ونظراتهم الصارمة المخيفة ،
فيصطحبوني معهم إلى الداخل لمعرفة ما الذي أتى بي إلى عقر دارهم؟؟

وساعتها .. اعتقد أني لو أجبتهم بما في قلبي فعلا ، فليس أكثر من شيئين ...
إما أن أُودع مصحة الأمراض العقلية ، أو أن يرسلوني إلى مكان يعلمه الجميع
.... (خلف الشمس) ، هذا إن بقي هناك موضع قدم لي بالطبع..

ولست أدري لماذا ساورني ذلك الشعور بالبهجة عند تلك النقطة بالذات ، نقطة
أن يأتي أحدهم إليّ في الخارج لأكون معه بعد عدة خطوات في الداخل .... وما
أدراك ما الداخل..

(مش يالله بقى ... اتأخرنا ..) هكذا قال صديقي وهو يرتجف بردا – وبالتأكيد
خوفا – فالتفت إليه ساهما وقلت : بل سنجلس قليلا..

حدق في وجهي فاغراً فاه وهتف : (نجلس فين يا عم الحاج ؟؟!!) إنت مفكّر نفسك
فين ؟؟ في المتحف !!

فُوق يا عم من الخزعبلات والأوهام اللّي في دماغك دي وخلينا نروّح بيوتنا
أحسن..

لم أرد عليه مباشرة ، بل ظللت واقفا أتطلع إليه دون كلمة واحدة .. وعندما
حاول فتح فمه مرة أخرى للحديث قطعت عليه السبيل لذلك وقلت له في صرامة
مباغتة : (قلت إني جالسٌ هنا... وبالنسبة لك ، وإن كنت مصمما على العودة
... فهيا اذهب)..

ساد الصمت بيننا بعد تعقيبي هذا ... إلى أن قطعه بقوله : (ماشي ... هتنيّل
أبقى معاك) ، بس ليا طلبين ياريت تحققهم ليا .... ممكن؟؟!

أومأت له برأسي علامة الإيجاب ، فأردف : ياريت بلاش موضوع الجلوس ده ..
لأنك أكيد عارف إن الليّ على يميننا ده هو قصر القبة ... وطبعا سيادتك أبو
العارفين إن الحرس هنا مرفوع الحرج من عليهم ، فلو حد فيهم شافنا (جالسين) ،
ممكن يخرج (الكلاشينكوف) بتاعه لنكون في الآخرة بعد كام طلقة لمجرد إنه
اشتبه فينا....

فعلى الأقل نمشي ، ومن الناحية التانية ، (يقصد ناحية مبنى جهاز
المخابرات) ، يمكن يكون حظنا مع بتوع المخابرات أرحم من حرس القصر
الجمهوري.

صدقّت على اقتراحه دون اعتراض ، ثم سألته عن الطلب الآخر ... فأجاب بصوت
عالٍ:

ياريت لماّ تتكلم مع اللّي خلفوني تتكلم باللهجة المصرية بتاعتنا ....
ماشي.. يعني بلاش حكاية (نجلس) ، وشوية الكلام الفصيح بتاعك ده. لأني مش
ناقص أساساً.

ابتسمتُ وقلت له : (خلاص يا سيدي... أي أوامر تانية ؟؟)

مطّ شفتيه قائلا : أنا لو اتكلمت الوقت مش هقول أوامر .... لأ . أنا هقول
وصيتي...

اتسعت ابتسامتي وأنا أتأبط ذراعه ، وعبرنا ذلك الشارع الفاصل بين قصر القبة
ومبنى المخابرات ليصبح الجهاز ملاصقا ليسارنا تماما...

(يا ترى من أين كانت البداية ؟) ..سؤال وجهته إلى نفسي ، وأنا أسير بجوار
صديقي الذي أسمعه الآن بوضوح وهو يقرأ سورة (يس) ، بعد أن فقد الأمل تماما
في أن أستجيب له ونعود أدراجنا...

تجاهلته تماما ... وأصبحت كل خطوة أخطوها تأخذني من عالمي إلى عالم آخر
بعيد ... بعيد

عالم .. موغل في القدم....

لحظة أن وجد رجال الثورة أنفسهم في مأزق ما بعده مأزق وكارثة بلا حدود فلم
تكن هناك دولة بالمعنى العصري والحديث لهذه الكلمة . بل كيان متهاو ينخر
السوس في قوائمه ، فبدت لهم بلادهم خرابا كان عليهم أن يعمروه ، ثم اكتشفوا
أن ذلك الخراب ، إنما يجعل منهم ومن الشعب المصري كله عزلا من أي سلاح
يواجهون به تلك الصيحة التي انتشرت في صحافة مصر قبل قيامهم بثورتهم والتي
كانت عنوانا على ما وصلت إليه البلاد من حال ، صيحة كانت تطالب بالقضاء على
الفقر والجهل والمرض ..... ثم إذا بهم مع الأيام يكتشفون أنهم ليسوا عزلا
فقط أمام فقر وجهل ومرض وتخلف ، وكل هؤلاء الأعداء في الداخل ، بل إنهم عزل
بالفعل أمام أعداء متربصين مسلحين يتحينون الفرصة كي ينقضوا ويدمروا
ويضعفوا ويحتلوا الأرض.

وليت الأمر اقتصر على هذا ، كانت المصيبة أنهم كانوا عزّلا حتى من المعرفة
المطلوبة لإعادة البناء ، بل عزّلا من وسائل المعرفة أيضا..

اكتشف هؤلاء الضباط الشبان ، قليلو الخبرة ، الممتلئون حماسة وحبا لمصر ..
أن عليهم أن يعيدوا البناء وسط ركام بلا نهاية من الخراب الاجتماعي
والسياسي والاقتصادي لإقامة دولة عصرية وأن عليهم أن يبدءوا من الصفر ، بل
من تحت الصفر.

وبالطبع ، كان من ضمن ما عليهم بناءه وتشييده ، جهاز المخابرات المصرية .
والذي لم يكن له وجود قبل ذلك الوقت. ولم يكن أحد يعرف ما معنى كلمة
مخابرات أصلا.

وهنا ، أرى أن ثمة نقطة غاية في الأهمية يجب أن تثار ، وهي تاريخ جهاز
الأمن السياسي هنا في مصر.

فربما لا يعرف كثيرون ـ حتى بين رجال الشرطة أنفسهم ـ أن جهاز الأمن
السياسي في مصر هو أقدم جهاز من نوعه في الشرق الأوسط، بل إن وزارة
الداخلية ذاتها تعد واحدة من أقدم ثلاث وزارات في مصر، إذ تأسست عام 1878
باسم نظارة الداخلية، ومعها نظارة الجهادية (الحربية أو الدفاع)، ونظارة
المالية، وعلى الرغم من اختلاف مسميات جهاز الأمن السياسي عبر الحقب
التاريخية التي شهدتها مصر من "القسم المخصوص" إلى "القلم السياسي" إلى
"المباحث العامة" إلى "مباحث أمن الدولة"، حتى أصبح اسمه "قطاع مباحث أمن
الدولة ثم "جهاز أمن الدولة"، لكنها مجرد لافتات متنوعة لكيان واحد هو
إدارة تتبع إدارياً وزارة الداخلية، وتوكل إليها مهام الأمن السياسي، وكانت
بداية تأسيس هذا الجهاز على يد الاستعمار البريطاني، وبعد توقيع معاهدة
سنة 1936 بدأ تراجع الوجود البريطاني في أجهزة وإدارات وزارة الداخلية،
وانتقلت مسؤولية الأمن السياسي الداخلي إلى عناصر مصرية من وزارة الداخلية .
وقد تأسس "القلم السياسي" بإدارتين الأولى للقاهرة والثانية للإسكندرية،
فضلاً عن "قسم مخصوص" يتبع السراي مباشرة ويرأسه قائد الشرطة الملكية، ولم
تكن لوزارة الداخلية أي ولاية على هذا القسم الذي كان قائده يتلقى أوامره
مباشرة من الملك .
وربما لا يعرف البعض أيضاً أن جهاز "المخابرات العامة" خرج من رحم جهاز
الأمن السياسي التابع لوزارة الداخلية، الذي أعيد تنظيمه وهيكلته تحت مسمى
جديد هو "إدارة المباحث العامة"، عقب قيام حركة الضباط عام 1952، وأسست تلك
الإدارة تحديداً في 22 أغسطس سنة 1952، وظلت مهمة ترتيب مسؤولياته تجري
تحت إشراف شخصي ومباشر من جمال عبد الناصر حين كان يشغل منصب وزير الداخلية
في الفترة من 18 يونيو 1953 وحتى الخامس من أكتوبر من ذات العام، ثم كلف
زكريا محيي الدين بحقيبة الداخلية، وظل بها خلال ثلاث وزارات تبادل معه
خلالها المنصب عباس رضوان، ولكن خلال وزارة زكريا محيي الدين صدر قرار
جمهوري بإنشاء المخابرات العامة، وتحديداً عام 1956، لكنها لم تتأسس فعلياً
إلا في مطلع العام 1957 .

في البداية اكتشف الرجال مدى الهوة التي كانت مصر تقف على حافتها ، فعلم
المخابرات كان قد تقدم تقدما مذهلا وأصبح له مدارسه وأصوله وقواعده . وفي
الوقت الذي كانت مصر تفتقر إلى مصادر المعلومات كانت إسرائيل العدو القائم
على الحدود في تربص ، تملك من وسائل المعرفة ما يتفوق على ما تملكه بعض
الأجهزة القائمة بالفعل. بالإضافة إلى قلة المعلومات ، والمشكلة الكبرى وهي
قلة الخبرة فيما يختص بالتعامل مع العملاء.

وعندما طلبوا المساعدة من البعض أعطاهم هذا البعض قشورا عفا الزمن عنها ،
قشورٌ لا تُسمن ولا تغني من جوع.



أمّا ما جعل إسرائيل - وبالرغم من أنها كانت في ذلك الحين تعتبر دولة حديثة
- تملك الخبرة الواسعة والمعرفة اللازمة لخوض غمار ذلك البحر الغامض
والشرس .. فهناك عدة ظروف ليس من بينها – وكما يروّج البعض – العبقرية
والذكاء الإسرائيليين ، بل هي ظروف تاريخية وموضوعية جعلتهم يكتسبون خبرة
كبيرة مؤثرة في هذا المجال.. منها :

أنها تملك في كل بلاد العالم جاليات يهودية تدين لها بالولاء . وكان هؤلاء
بوصفهم مواطنين ، يلعبون أدوارا اقتصادية واجتماعية بل وسياسية خطيرة وهامة
داخل هذه الدول ، وكانوا يستطيعون إمداد إسرائيل بكل ما تحتاجه من
معلومات.

هذا أمر .. الآخر ، إن المنظمات الإرهابية الإسرائيلية التي ولدت في فلسطين
قبل قيام دولة إسرائيل كانت كل منها تملك جهازا خاصا بها يعمل منذ أن بدأت
سرا ، لا في داخل فلسطين وحدها ، بل في قلب الأمة العربية وفي كل دول
العالم أيضا بحكم تشرذم اليهود على سطح الكرة الأرضية.

إن أعضاء هذه العصابات جندوا من كل دول العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
وكان لكل واحدة منها بالضرورة وكلاء منتشرون في كل الدنيا يمدونهم بالأسلحة
والتبرعات والمعونات وبطبيعة الحال بالمعلومات وكان يكفي إسرائيل عام 1948
أن تجتمع هذه الأجهزة الصغيرة في جهاز واحد ، ولم يكن الأمر يحتاج إلا
لجهد تنظمي لتصبح الموساد حقيقة واقعة.

ليس هذا فقط . بل إن الوكالة اليهودية التي كان لها قبل قيام إسرائيل
بسنوات طويلة فروع في جميع إنحاء العالم ومنها بالطبع الدول العربية لم تكن
سوى جهاز مخابرات يعمل مع كل الدول ضد كل الدول لمصلحة اليهود.

مثال ذلك الدور الخطير الذي لعبته الوكالة اليهودية في العالم ، فإن مكتبها
في القاهرة استطاع المساهمة أثناء الحرب العالمية الثانية في كشف عدد لا
بأس من قضايا التجسس لصالح الحلفاء . وكانت أشهر هذه القضايا قضية الجاسوس
الألماني (هانز إبلر) والذي كان يحمل اسما مصريا (حسين جعفر) ، وهي قضية
اشتهرت في التاريخ المصري وفي العالم كله باسم قضية الراقصة حكمت فهمي.

إذن كانت الوكالة اليهودية وحدها وعند قيام إسرائيل تصلح لأن تكون نواة
ممتازة لجهاز مخابرات على درجة عالية من الكفاءة.

ولكن الأمر لم يقتصر على ذلك فقط...

فإذا كانت الحركة الصهيونية تستعد منذ السنوات الأخيرة من القرن قبل الماضي
وحتى قيام إسرائيل . فأن الأمر الطبيعي أن تعمد هذه الحركة إلى الاستعانة
باليهود في الدول المتقدمة ، وتحثهم بصفتهم مواطنين في هذه الدول على
الالتحاق بأجهزة المخابرات فيها..

ولقد خلق هذا جيلا من رجال المخابرات اليهود الذين ما إن قامت إسرائيل حتى
كانوا جاهزين لوضع خبرتهم التي تحوي كل مدارس التجسس في العالم تحت إمرة
الجهاز الوليد . وعلى هذا فإن الموساد في تلكم السنوات الأولى من الخمسينات
كان جهازا حديثا حقا لكنه كان يضم خبرات أعرق الأجهزة بل وأعظمها على
الإطلاق.

ثم كان هناك غول آخر وهو العلاقة القوية التي أقامها الموساد مع أجهزة
المخابرات القوية بدءا بالبريطانية مرورا بالفرنسية ثم انتقالا إلى ما يشبه
الوحدة مع المخابرات المركزية الأمريكية.

لذلك كان من السهل أن تزرع إسرائيل جاسوسا ذا قدرات متفوقة مثل (إيلي
كوهين) في سوريا...

أمام كل هذا ، كان على الرجال أن يبدءوا من الصفر ولم يكن عليهم فقط مسابقة
الزمن ليلحقوا بما فات بلادهم عبر عشرات السنين بل كان لابد من تزايد سرعة
تقدمهم حتى يكونوا اقدر على الوصول إلى احدث ما وصلت إليه أساليب هذا
العلم الحديث . كان الأمر شاقا حقا وكان صعبا ، لكنه لم يكن مستحيلا..

(محمد) !! انتزعني ذلك النداء من شرودي ومن غوصي في بحور الماضي ، ليلقي بي
– رغما عني – على يابسة الواقع .. فالتفت إلى رفيقي متسائلا ..

فأومأ لي .. أن انظر هناك ، فنظرت إلى حيث يشير ، لأجد إحدى البوابات
المعدنية (الالكترونية) الخاصة بالجهاز تُفتح لتخرج منها سيارة ، تُقلّ
أحدهم . كان باديا أنه من هؤلاء الذين قضوا الكثير في جنبات جهاز المخابرات
المصري ، وقبل أن تسألوا : وكيف عرفت ذلك ؟؟ سأجيب : مش عارف !!!!

ربما هي سنوات عمره التي قد تجاوزت الخمسين والتي تركت أثرا لا تخطئه عين ،
متمثل في انحناءة بسيطة في ظهره تدل أن صاحبها قد عكف معظم عمره في دراسة
ومراجعة وتدقيق وتمحيص و ......و تعب .

ربما لأن له سائقا خاصا فيكون بذلك من الشخصيات الهامة هناك ، أو ربما هي
تلك النظرة التي كانت تميز عينيه الشبيهتين بعيني صقر.

أو ربما شئ آخر لست أدري كنهه ..... أو ربما ليس شيئا كذلك على الإطلاق
.... (مخابرات بقى !!!).

سألت رفيقي : (يا ترى مين ده ؟؟)

أجابني : (شكله من الناس الواصلة جوّه .. إنت شفت مدى التجهم والصرامة
اللذان صُبّ فيهما وجهه ؟؟)

أومأت له علامة الإيجاب دون أن أنبس ببنت شفة ، وعيناي تشيعان سيارة ذلك
الرجل (المهم و المتجهم) حتى انحرفت في آخر الشارع.. فأنحرف أنا عن رفيق
رحلتي لأغيب عن الوجود مرة أخرى ....

كانوا مجموعة منتقاة من خيرة رجال القوات المسلحة ، المتمثلة فيهم تلك
الصفات الثلاث الواجب توافرها فيمن يقع الاختيار عليه ليكون فردا في
المخابرات .. (الاستقامة – الصرامة – الكفاءة).

زكريا محيي الدين ، عثمان نوري ، حسن بلبل ، كمال الدين رفعت ، عاطف عبده ،
سعد محمد ، عبد الفتاح أبو الفضل ، عمر لطفي ، سعد عفرة ، فريد طولان ،
محمد فتحي الديب ، عبد المجيد فريد ، لطفي واكد ، حسن التهامي ، محمود
سليمان ، محمد عبد القادر ، حاتم مصطفى المستكاوي ، عزت إبراهيم سليمان ،
محيي الدين أبو العز ، محمد محمود السقا ، محمد وفاء حجازي ، سامي شرف ،
محمد زغلول ، كامل محمود ، محمد عطية ، احمد محمود العقاد ، زغلول عبد
الرحمن ، زكي منصور ، احمد فؤاد هلال ، سمير غانم ، سعيد عبد العزيز حليم،
احمد عبد السلام كفافي ، محمد غانم ، محمود سامي ، حافظ محمود ، حسين عبد
الناصر ، محمد محمد فائق ، إبراهيم بغدادي ، مصطفى مختار ، جمال الشناوي ،
محمد شكري ، عبد المحسن محمد فائق ، حامد محمود حامد ، عبد الفتاح الشر
بيني ، محمد عبد الخالق شوقي.

ثم توالت الترشيحات والتعيينات في هذه الإدارة تباعا ، وكانت هناك ضوابط
وقيود قاسية جدا سواء في عملية الترشيح أو التزكية للعمل في هذا الجهاز
الحساس، حيث انضم بعد ذلك على سبيل المثال وليس الحصر كل من الشهيد عمرو
شعبان هريدي وصلاح حجازي ومحمد نسيم (قلب الأسد) وكمال الغر وآخرين، ثم
عُين كلاً من أمين هويدي وعمر محمود علي وطلعت خيري وشعراوي جمعة وحلمي
القاضي وآخرين.

وهؤلاء كانوا من العناصر الرئيسية ومن الرعيل الأول الذي أسهم في تأسيس هذا
الجهاز الوطني من يوم 23 يوليو حتى أواخر سنة 1952.



وتمر الأيام سريعة ، و يتعاقب على هذا الجهاز أجيال وأجيال ترأّسهم في
الفترة من 1952 وحتى 1971 كل من :

زكريا محيي الدين1952-1956، علي صبرى1956-1957، صلاح محمد نصر1967-1957. ثم
تولى الإشراف على هذا الجهاز فقط ، ولم يصدر قرار جمهوري بتوليه رئاسته،
أمين هويدي 1967-1968، ثم ترأس الجهاز بعد ذلك محمد حافظ إسماعيل
1968-1970، ثم احمد كامل حتى مايو 1971.

وما يهمنا الآن .. هو تلك الفترة الانتقالية والهامة في حياة المخابرات
المصرية والتي كان متواجدا في رئاسته حينها الصاغ (رائد) صلاح محمد نصر
....

وما أكسب تلك الفترة هذه الأهمية ، أن صلاح نصر كان أول من بدأ في بناء
الجهاز وفق خطة علمية منظمة.

كان بناؤه يحتاج تكاليف باهظة من المال والخبرة ، والأخطر توفير كفاءات
بشرية مدربة تدريبا عاليا. وكانت التدريبات هي أولى المشكلات التي واجهها
الجهاز الوليد واستطاع صلاح نصر باتصالاته المباشرة مع رؤساء أجهزة
المخابرات في بعض دول العالم أن يقدموا عونا كبيرا..

وتم لصلاح نصر المراد ، وبدأت بعثات الرجال في التوجه إلى الخارج للتدريب
والاحتكاك والدراسة . وكم كان الأمر شاقا ومُجهدا لدرجة لا يتحملها بشر.

فقد كان على الواحد منهم أن يتعلم ويفهم ويتقن ، ثم يأتي إلى الوطن ليضع
خلاصة ما تعلمه أمام الوفود الجديدة المتقدمة لنيل شرف الالتحاق بجهاز
المخابرات .

وكان التحفظ الوحيد لصلاح نصر هو الخوف من إرسال البعثات إلى الخارج بأعداد
ضخمة حتى لا تستطيع أي من أجهزة المخابرات في العالم اختراق الجهاز مع
نشأته أو زرع بعض عملائها به. فاكتفى صلاح نصر بإرسال عناصر من كبار
الشخصيات داخل الجهاز بأعداد قليلة لتلقى الخبرات والعودة لنقلها بدورهم
إلى العاملين في الجهاز .
واستطاع الجهاز بمجهوده الخاص أن يبحث عن المعدات الفنية التي مكنته من
تحقيق أهدافه. وقام صلاح نصر بالتغلب على مشكلة التمويل ، حين قام بإنشاء
شركة للنقل برأسمال 300 ألف جنيه مصري تُحول أرباحها لجهاز المخابرات، وحين
اخبر صلاح نصر جمال عبد الناصر بأمر هذه الشركة طلب منه زيادة رأسمالها
واتفق معه على أن يدفع من حساب الرئاسة 100 ألف جنيه مساهمة في رأس المال،
وأن يدفع عبد الحكيم عامر مبلغا آخر من الجيش. وتقسم أرباح الشركة على
الجهات الثلاث.
واهتم صلاح نصر بعد ذلك بتحديد أنشطته ومهامه الرئيسية ، خاصة وان
المخابرات الحربية تتبع القائد الأعلى للقوات المسلحة ، والمباحث العامة
لها دورها الآخر في الأمن الداخلي. إذن كانت مهمة المخابرات الوحيدة جمع
المعلومات وتحليلها وتقديمها لصانع القرار.



(لا دخل للعواطف في العمل..) قاعدة يحتفظ بها رجال المخابرات في صدورهم
احتفاظا يصل إلى حد القسوة ربما على أنفسهم قبل الآخرين فوق ما يطيقه البشر
، فهم لا يتعاملون إلا مع الحقائق العامة ، فقد يدرب احدهم نفسه تدريبا
شاقا على مواجهة المآسي والتعامل معها بعقل بارد قلب ميت.

غير أن رجل المخابرات أيا ما كان عقله باردا وقلبه ميت فهو في البداية
إنسان ....إنسان له قلب يخفق أراد أم لم يرد ووجدان مهما حاول صياغته ينتمي
بالضرورة إلى ما يسمى بالعاطفة .

ليس هذا فحسب ، بل إن الواحد منهم يظل سنوات طويلة يتعامل مع الناس بقلبين ،
وكيانين ، وعقلين ... جزء منهما لعمله ، والجزء الآخر للبقية ، والتي يكون
من ضمنها أفراد أسرته !!

ولإيمان هؤلاء الرجال بربهم ثم بوطنهم وعقيدتهم ، بالإضافة إلى الجهد
الغزير والشاق الذي بذله الكل ، وانعدام الأنانية وإلغاء مصطلحات كثيرة مثل
: (وأنا مالي – يا عم كبّر – نكمّل بُكره) تماما من قاموسهم كمنظمة مصرية ،
ومع وجود التزام تام وصارم بقواعد عملهم وأسسه ، يسانده إنكار للذات
وتفانٍ في العمل الموكل إليهم ... أدى كل ذلك إلى أن خَطَت المخابرات
المصرية خطوات واسعة وحثيثة في ذلك العالم الغامض والمخيف ، وإلى ميلاد دور
فعّال وبارزٍ لها في المنطقة العربية ، بل وفي العالم أجمع.



وفي السطور المقبلة سنتناول أهم العمليات التي نفذتها المخابرات المصرية ،
خصوصا تلك العمليات القاصمة للعدو الاستراتيجي .. الموساد الإسرائيلي...
وبالطبع المخابرات المركزية الأمريكية.

جهاز المخابرات المصري اكتشف في أواخر الخمسينيات خطة إسرائيلية لاغتيال
كمال الدين حسين وعبد اللطيف بغدادي في أثناء خلافاتهما مع عبد الناصر. مما
يعطي إيحاء بإدانة عبد الناصر في هذه العمليات. ويبدو أن إسرائيل علمت
بوصول معلومات عن خطة الاغتيالات هذه لجهاز المخابرات المصري فعدلت عن
تنفيذها.

كما استطاع أن يهزم المخابرات المركزية الأمريكية (C.I.A) في الستينيات
وكشف عمليات تجسس له بالقاهرة.. بإلقاء القبض على اثنين من أمهر عملاء
المخابرات المركزية الأمريكية هما «جون زايفر» عام 1993 وكان يعمل مع
«يواكيم فيكتور» رئيس شبكة التجسس لحساب المخابرات المركزية الأميركية،
القضية الأخرى كانت قضية «بورس تايلور» وكان أهم عملائها مصطفى أمين.
جهاز المخابرات المصري في الستينيات نجح أيضا في حماية مصر من أعداء آخرين
بخلاف أميركا فقد تم القبض على مصطفى أغا رئيس الحزب الشيوعي العربي والذي
كان يعد لانقلاب على الحكم لصالح جمهورية الصين الشعبية وكانت هذه القضية
هي الوحيدة التي اصطدمت فيها المخابرات المصرية مع الشيوعيين .وهي أيضا
كانت مثار خلاف شديد بين صلاح نصر وعبد الحكيم عامر القائد الأعلى للقوات
المسلحة حينما ألقى القبض على مصطفى داود أحد ضباط الجيش الضالعين في
التنظيم دون استئذان المشير الأمر الذي أغضبه لكنهما تصالحا فيما بعد ليظل
الارتباط بينهما قائما حتى آخر لحظة من حياة عامر.



ونعود لإسرائيل مرة أخرى . فقد قامت المخابرات في هذه الفترة بأهم عملياتها
ضد إسرائيل تلك العمليات التي أصبحت فيما بعد تدرس في معهد المخابرات
الدولية من أشهر تلك العمليات وأهمها عملية «لوتز» الذي قبض عليه عام 1965 .
وكان من أهم عملاء إسرائيل لدرجة أنها فاوضت بعد 1967 على استبداله ببعض
الأسرى.. «لوتز» كان مكلفا بإرسال طرود ناسفة للعلماء الألمان في القاهرة
لإرهابهم.. فأرسل بالفعل طردا مفخخا للعالم بيلز عام 1962 وانفجر في وجه
سكرتيرته.. كان «لوتز» أيضا مكلفا بجمع معلومات سياسية واقتصادية وعسكرية
عن مصر تحت ستار عمله كمدرب للخيول استطاع الدخول لسلاح الفرسان في الجيش..
ومن ناحيته استطاع جهاز المخابرات الوصول لبيت «لوتز»
واكتشف جهاز الإرسال الذي كان مخفيا في ميزان الحمام الذي وجد في دولاب
الملابس الخاص بـ «لوتز» ليتم اكتشاف أكبر عملاء إسرائيل في القاهرة.

ومن العمليات التي كشفها جهاز المخابرات المصرية في عهد عبد الناصر عملية
موريس جود الجاسوس الهولندي المحترف والذي كلف بعمل اختراق داخل القوات
المسلحة المصرية، كذلك عملية جروبي حيث قامت المخابرات الإسرائيلية
باستقطاب أحد موظفي جروبي الذي كان مسئولا عن حفلات عبد الناصر وكلف بأن
يدس السم لعبد الناصر وضيوفه الأمر الذي كشفه جهاز مخابرات عبد الناصر..
وتم إحباط الخطة.
التهمة الأخطر التي ألقيت على مخابرات عبد الناصر كانت أن الجهاز كان
مخترقا بواسطة المخابرات المركزية الأميركية ورغم انه لم تثبت واقعة واحدة
لزرع عميل للمخابرات الأميركية في المخابرات المصرية إلا أن البعض لم يتوان
في ترديد هذه التهمة معتمدين على ما رددّه (كوبلاند) أحد أنشط عملاء
المخابرات المركزية الامريكية من أن المخابرات المركزية الأميركية تغلغلت
في مصر تحت ستار محاربة الشيوعية..
المعلومة الصحيحة في هذا السياق هي إنشاء قسم محاربة الشيوعية الدولية
بجهاز المخابرات المصري اثناء قيام زكريا محيى الدين بالإشراف عليه ولأن
هذا القسم كانت مهمته الأساسية هي محاربة الشيوعية الدولية فقد ارتبط
بعلاقات مع المخابرات الأميركية التي رصدت أموالا من ميزانيتها تم بناء برج
الجزيرة بها وبعد تولي صلاح نصر رئاسة الجهاز طلب منه عبد الناصر إلغاء
القسم لأنه ليس إلا عبئا للمخابرات الأميركية على مصر وعلى عبد الناصر
شخصيا.

جهاز المخابرات المصري أيضا هو الذي قام بكشف لغز الطرود المتفجرة والتي
كانت ترد من ألمانيا لأحد مصانعنا الحربية واستطاعت إسرائيل من خلال
عملائها بألمانيا إرسال الطرود الناسفة.. نفس الأمر في عملية إرسال خطابات
متفجرة لمكتب بريد المعادي.

الشئ الطريف أن جهاز المخابرات المصرية كان له دور اقتصادي لا يذكره أحد من
أعدائه أو حتى من أنصاره، ففي إحدى المرات كانت مصر تستورد القمح من سوريا
وكان القمح السوري لينا لا يصلح لصناعة الخبز في مصر وكان محل شكوى العديد
من المصريين وعلم جهاز المخابرات بهذه الأزمة وعلم أن شحنة قمح استرالي في
طريقها لايطاليا واستطاع باتصالاته مع دول العالم أن يبادل الصفقتين ليصل
القمح السوري اللين الأصلح لصناعة المكرونة لايطاليا ويصل لنا القمح
الاسترالي!



وعلى الرغم من توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل منذ 26 مارس 1979 فإن
جهاز المخابرات العامة المصرية ضبط العديد من الجواسيس الصهاينة طوال هذه
السنوات، وكانت أولى هذه القضايا قضية الجاسوس "عامر سلمان أرميلات" الذي
جندته المخابرات الإسرائيلية قبيل بدء مفاوضات السلام، وصدر الحكم عليه في
14 أبريل 1992 بالأشغال الشاقة المؤبدة، وكان قد تم ضبطه في حادث سرقة في
مستعمرة "ميت ياميت" الإسرائيلية بشمال سيناء قبل الانسحاب، وعُرف عنه حبه
الشديد للمال فكان صيدًا سهلاً للموساد.

كما ضبطت المخابرات العامة المصرية جاسوسًا آخر تطوع لخيانة وطنه، وهو
"سمير عثمان أحمد علي" الذي سافر للعراق أثناء الحرب الإيرانية، والتحق
بالجيش العراقي، ثم التنظيم السري لحزب البعث، ثم سافر إلى تركيا وعقد صفقة
العمالة في السفارة الإسرائيلية هناك، ثم عاد إلى مصر لينفذ التكليفات،
واتخذ من الغوص من طابا المصرية إلى إيلات الإسرائيلية وسيلة لمقابلة عناصر
الموساد وتقديم المعلومات لهم، وضبطته المخابرات العامة المصرية قبل دخوله
القاهرة حيث محل إقامته، ونظرًا لخطورة قضيته وتعلقها بأسرار دول عربية
أخرى تمت المحاكمة بعيدًا عن التغطيات الإعلامية.

وفي قرية "نوسا الغيط" بمحافظة "الدقهلية" بوسط مصر كانت بداية سقوط
الجاسوس "عبد الملك عبد المنعم"، فبعد انتهاء خدمته في القوات البحرية
المصرية سافر إلى إسرائيل وقام الموساد الإسرائيلي بتجنيده، وتم تكليفه
بمراقبة قاعدة بحرية مصرية قرب الإسكندرية، وألقت المخابرات العامة المصرية
القبض عليه ليسجل اعترافات الخيانة بخط يده في 80 ورقة كاملة.

ومن خلال سفره إلى إسرائيل للتدريب في مصانع الغزل والنسيج تم تجنيد "عماد
عبد الحميد" على يد عنصري الموساد "عزام عزام" و"زهرة جريس"، وألقت
المخابرات العامة المصرية القبض على عماد وعزام عام 1997 بعد اعترافات
مثيرة، وتمت محاكمتهما، وصدر الحكم على عماد بالأشغال الشاقة المؤبدة، وعلى
عزام بالسجن لمدة 15 عامًا.‏















عملية إبراهيم شاهين وأفراد عائلته المصونة



نشرت هذه العملية من جانب المخابرات الإسرائيلية (الموساد) كمحاولة للرد
على نشر القاهرة لعملية رفعت الجمال، فقد واجهت المخابرات الإسرائيلية
حملات صحفية عنيفة داخل إسرائيل وخارجها تقلل من شأنها.
بدأ نشر العملية عندما نشرت الصحف الإسرائيلية موضوعا موسعا في 26 نوفمبر
1989 تقول فيه أن المخابرات الإسرائيلية تلقت قبل حوالي شهر من حرب أكتوبر
من أحد جواسيسها في مصر تحذيرات واضحة بأن مصر تنوى شن حرب ضد إسرائيل.وأن
هذا الجاسوس بعث بمعلومات في غاية الدقة عن تحركات الجيش المصري في منطقة
قناة السويس إضافة إلى تأكيده بأن المصريين قاموا بتحريك الجسور الخشبية
العائمة الحاملة للجنود إلى ضفة القناة.

وبرغم هذا النجاح إلا أنه فشل في توقع نشوب حرب السادس من أكتوبر والتي
كانت المخابرات الإسرائيلية قد وعدته بمبلغ مليون دولار كمكافأة في حالة
توقعه لميعاد الحرب وكان كل المطلوب منه في هذه الحالة هو رسالة شفرية من
كلمتين "يوم ......".

وفى بداية عام 1974 سافر إبراهيم (الزوج) إلى تركيا ومنها إلى اليونان ثم
إلى تل أبيب وحضر اجتماعا خاصا على مستوى عال مع قيادات المخابرات
الإسرائيلية الجديدة بعد أن أطاحت حرب أكتوبر بالقيادات السابقة.
وخضع إبراهيم للاستجواب حول عدم تمكنه من معرفة ميعاد الحرب وأجاب إبراهيم
انه لم يلحظ شيئا غير عادي بل إن قريبا له بالجيش المصري كان يستعد للسفر
للحج ، وانه حتى لو كان يعلم بالميعاد فليس لدية أجهزة حديثة لإرسال مثل
تلك المعلومات الهامة.
واستضاف نائب مدير المخابرات الإسرائيلية إبراهيم وابلغه بأنه سيتم منحه
جهاز إرسال متطور ثمنه 200 ألف دولار وهو احدث جهاز إرسال في العالم ملحق
به كمبيوتر صغير في حجم اليد له أزرار إرسال على موجه محددة واخبره كذلك أن
راتبه الشهري قد تم رفعة إلى ألف دولار إضافة إلى مكافأة مليون دولار في
حالة إخبارهم عن موعد الحرب القادمة التي ستشنها مصر بواسطة الفريق سعد
الشاذلي!.
وقامت المخابرات الإسرائيلية بتوصيل الجهاز المتطور بنفسها إلى مصر خشية
تعرض إبراهيم للتفتيش، وقامت زوجته بالحصول على الجهاز من المكان المتفق
علية عند الكيلو 108 طريق السويس وهى المنطقة التي تعرضت لثغرة الدفرسوار.
وبمجرد وصول انشراح (الزوجة) للقاهرة أعدوا رسالة تجريبية ولكنهم اكتشفوا
عطلا في مفتاح الجهاز وبعد فشل إبراهيم في إصلاحه توجهت انشراح إلى تل أبيب
للحصول على مفتاح جديد.
لم يدر بخلد انشراح أن المخابرات المصرية التقطت رسالة لها عبر جهاز روسي
حديث يسمى "صائد الموجات" وذلك أثناء تدريبها وتجربتها للجهاز الجديد.
وأيقن رجال المخابرات المصرية أنهم بصدد الإمساك بصيد جديد ، وتم وضع منزل
إبراهيم تحت المراقبة وتم اعتقاله صباح 5 أغسطس 1974 مع ولديه وانتظارا
لوصول انشراح من تل أبيب أقام رجال المخابرات المصرية بمنزل إبراهيم لثلاثة
أسابيع كاملة ، وبمجرد وصولها استقبلها رجال المخابرات المصرية وزج بهم
جميعا إلى السجن.
وكانت المخابرات الإسرائيلية قد بثت رسائل بعد عودة انشراح من إسرائيل
واستقبلها رجال المخابرات المصرية على الجهاز الإسرائيلي بعد أن ركبوا
المفاتيح ، ووصل الرد من مصر.
" إن المقدم إبراهيم شاهين والملازم أول انشراح سقطا بين أيدينا .. ونشكركم
على إرسال المفاتيح الخاصة بالجهاز .. كنا في انتظار وصولها منذ تسلم
إبراهيم جهازكم المتطور"
تحياتنا إلى السيد "إيلي زئيرا" مدير مخابراتكم.
وتمت محاكمة الخونة بتهمة التجسس لصالح إسرائيل وأصدرت المحكمة حكمها
بإعدام إبراهيم وانشراح بينما حكم على ابنهما الأكبر نبيل بالأشغال الشاقة
وأودع الولدان محمد وعادل بإصلاحية الأحداث نظرا لصغر سنهما، ونفذ حكم
الإعدام في إبراهيم شاهين شنقا، بينما تم الإفراج عن انشراح وابنها بعد
ثلاث سنوات من السجن في عملية تبادل للأسرى مع بعض أبطال حرب أكتوبر.



وقد نشرت صحيفة يدعوت احرونوت عام 1989موضوعا عن انشراح وأولادها قالت فيه :
إن انشراح شاهين (دينا بن دافيد) تقيم الآن مع اثنين من أبنائها بوسط
إسرائيل وهما محمد وعادل بعد أن اتخذت لهما أسماء عبرية هي حاييم ورافي أما
الابن الأكبر نبيل فقد غير اسمه إلى يوشي.
وتقول الصحيفة إن دينا بن دافيد تعمل عاملة في دورة مياه للسيدات في مدينة
حيفا (وهذا يقينا هو ما تستحقه) وفى أوقات الفراغ تحلم بالعودة للعمل
كجاسوسة لإسرائيل في مصر !!! (وقالوا قديما : اللي عنده دم أحسن من اللي
عنده قيراطين أرض)، بينما يعمل ابنها حاييم كحارس ليلي بأحد المصانع ، أما
الابن الأكبر فلم يحتمل الحياة في إسرائيل وهاجر هو وزوجته اليهودية إلى
كندا حيث يعمل هو وزوجته بمحل لغسل وتنظيف الملابس.

نأتي بعد ذلك إلى عملية رفعت الجمال (رأفت الهجان) رحمه الله ، وهي بالطبع
غنية عن التعريف . ثم عملية الشهيد عمرو طلبة . وعملية الحفار ، أو (الحج)
نظرا لأنها وقعت متزامنة مع شعائر الحج ، والتي أبدع فيها رجال المخابرات
بقيادة رجل المهام الصعبة (محمد نسيم) قلب الأسد ، رحمه الله ، يسانده فيها
رجال المخابرات الحربية ورجال الصاعقة من القوات المسلحة.

ثم تأتي حرب أكتوبر المجيدة ، والتي صفع فيها رجال المخابرات المصرية
الأمريكان والإسرائيليين على قفاهم بقسوة . فقد خططوا ، وأحكموا التخطيط
ليجدوا أن من أسهل الأمور خداع العقارب والقائمين على تربية العقارب.

كما أن المخابرات المصرية لم تدخر جهدا في مساندة الثورة الجزائرية وسطرت
صفحات مضيئة في ذلك ، كما تفعل الآن إزاء القضية الفلسطينية..









ولن ننسى كذلك قصة أحمد الهوان أو جمعة الشوان كما شاهدناها في مسلسل "دموع
في عيون وقحة".

(ومتنساش موضوع الدكتور الإسرائيلي "إسرائيل بيير") !!هكذا بادرني محمود –
صديقي – والذي تلاشى خوفه تماما الآن وتحول إلى آلة دقيقة للاستماع بعد أن
تجسدت أفكاري لتصبح كلاما مسموعا تحمس له رفيق طريقي بصورة ملفتة...

وإسرائيل بيير هذا كان أحد أهم الأشخاص في إسرائيل ، فيكفي أن من ضمن ما
كان يشغله لحظة القبض عليه أنه كان المستشار السياسي لرئيس الوزراء
الإسرائيلي في فترة الستينات . وقد تم القبض عليه من قبل المخابرات
الإسرائيلية وذلك لعمله مع السوفييت...

والذي لم يعلمه الإسرائيليون والسوفييت وقتها ، أن عشيقة ذلك الدكتور كانت
عميلة للمصريين ، وبالتالي فقد كانت المخابرات المصرية مستفيدة من
الجهتين...

وفي عام 1999 وعقب السقوط الغامض للطائرة المصرية في المحيط الأطلنطي ،
والتي يتحمل الأمريكيون مسئولية سقوطها - بالتعاون مع أبناء الأفاعي بالطبع
- .... ولكن هذا ليس موضوعنا...

بعد هذه الحادثة الأليمة حدث شئ ما هنا في المنطقة العربية ، وبالتحديد في
أحد البحار العربية..

شئ ردّ الصاع صاعين لهؤلاء .. شئ لم يتحمّل أحدٌ إلى الآن مسئولية حدوثه ،
وإن كان طعمه يحمل رائحة خاصة ... لا يخطئها أنف أبدا...

(قصدك .... يعني.....)

هكذا سأل رفيقي وقد لاح على شفتيه مشروع ابتسامة..

فأجبته بابتسامة كاملة دون أي كلمة . ففهم ... وسكت لأكمل الحديث...

ولن ننسى بالطبع أحداث الحادي عشر من سبتمبر . والتي أكد ذلك الصحفي
الفرنسي المشهور "تييري ميسان" بأن هناك خمسة أجهزة للمخابرات كانت على علم
بحدوثها ، من ضمنها المخابرات المصرية والتي أرسلت تحذيرا للولايات
المتحدة بذلك ... على حد قوله..

وأخيرا ... حتى لا أثير مللكم – هذا إن لم يكن قد حدث فعلا – فإليكم فضيحة
الصاروخ الإسرائيلي (حيتس). (بالذمة حد في الدنيا يسمي صاروخ بالاسم دا)..

ففي فبراير 2004 كشفت صحيفة "معاريف Maariv" فضيحة مدوية هزت الأوساط
الإسرائيلية حينما أعلنت أن أسرار الصاروخ الإسرائيلي "حيتس" ربما تكون قد
وقعت في أيدي المصريين، بعد أن أشرف مهندسون مصريون على معالجة الأخطاء في
البرنامج الذي يدير الصاروخ!.
ونقلت الصحيفة عن مسئولين أمنيين قلقهم من تسرب تقنية الصاروخ الاعتراضي
للصواريخ البالستية للمصريين.
ووصف هؤلاء المسئولون الحالة بأنها "حماقة غير قابلة للتصديق"، وطبقا
لتقرير الصحيفة فقد كان الفرع المصري لشبكة IBM العالمية على اتصال مباشر
بنظيره الإسرائيلي للكشف عن وتصحيح الأخطاء البرمجية في برنامج تشغيل
الصاروخ!.
وكان "حيتيس" مشروعا مشتركا بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وتكلف
أكثر من 2 مليار دولار، وهو يحتوي على نظام رادار حساس جدا يعطي الصاروخ
القابلية لتعقب واعتراض الصواريخ الباليستية.
وفي عام 2003 أطلقت قوات الجو الإسرائيلية أربعة صواريخ اعتراضية من هذا
الطراز بنجاح في تدريب يختبر قدرة البلاد الدفاعية لصد صواريخ سكود عراقية
(كان ذلك قبل الغزو الأمريكي).
وأعربت المصادر الأمنية الإسرائيلية بعد هذا التدريب عن اقتناعها بقدرات
الصاروخ الذي يسير بسرعة تسع مرات ضعف سرعة الصوت، ويمكنه اعتراض قذائف
عدائية قبل أن تصل أهدافها بنحو 50 كيلومتر.
وطبقا لتقرير معاريف، فقد أحال مكتب IBM إسرائيل برنامج الصاروخ إلى مكتب
القاهرة لمعالجة الأخطاء البرمجية.
وكنتيجة لقلقهم، خصص مسئولي الأمن فرق كاملة من الخبراء من مؤسسة الدفاع
لفحص كل سطر من برنامج الصاروخ خشية أن يكون المصريون قد زرعوا برامج تحكم
خفية ، فضلا عن قطع كافة المعاملات بين IBM تل أبيب ومكاتب القاهرة.
خاف المسئولين في إسرائيل من أن يكون المصريون قد زرعوا ما يمكنهم من تدمير
الصاروخ قبل أن يبلغ هدفه.
ومنذ نشر هذا الموضوع تتابعت أصداء الفضيحة علي نحو مثير في إسرائيل، وسعت
الحكومة الإسرائيلية للتكتم علي الموضوع، وحاولت إسكاته بأي ثمن، والتغطية
عليه بفضائح شارون، وتطرف المستوطنين. لكن خاب ظنها ولكن . لقد فتح هذا
القرار الباب لانتشار الشائعات بسرعة البرق، وتلقفت الصحف الإسرائيلية
الموضوع من خلال مواقعها علي الإنترنت، بدلا من مطبوعاتها الورقية.
وقال عدد من الخبراء لصحيفة معاريف: "أن تصرف الجيش في هذا الموضوع " كان
غبيا وعبثيا لدرجة الإهمال الإجرامي فمن المعروف لأبسط ضابط إسرائيلي أن
مصر ترصد حركة الطيور من والي الحدود الإسرائيلية ولا يعقل ألا يكونوا قد
انقضوا علي المعلومات التي توفرت لديهم، عندما كان خبراؤهم يتابعون معالجة
الخلل في جهاز الكومبيوتر الإسرائيلي الرئيسي للجيش ولسلاح الطيران. ومما
لا شك فيه أن أجهزتهم المتطورة جدا في مجال الكومبيوتر، تمكنت من التقاط
المعلومات الغنية التي أنزلت إلي أجهزتهم من السماء فتلقفوها بتلهف وراحوا
يحللونها ويخزونها ويبنون عليها الخطط والبرامج، وفي ذلك ضرر كبير
لإسرائيل".
وقال علماء آخرون لمعاريف، إن الضرر الحاصل لإسرائيل من جراء هذه العملية،
هو في أحسن الأحوال مجرد وصول المعلومات إلي مصر. لكنه في حالة تفعيل عقلية
التنافس واستغلال المعلومات، فان بإمكان مصر الاستفادة منها بدرجة خطيرة
مدمرة.؟ وقال أحدهم: "تعالوا نتصور أن تقوم دولة ما، عربية أو غير عربية،
بإطلاق صاروخ يحمل رؤوسا كيماوية أو غازية وغيرها من أسلحة الدمار، باتجاه
إسرائيل فالمفروض أن صاروخ "حيتس" ينطلق لتفجير ذلك الصاروخ وهو في الجو.
الآن، يخشي أن تكون مصر قد اطلعت علي المعلومات الكافية لجعل صاروخ "حيتس"
مثلا يحيد عن هدفه بضعة سنتيمترات. فيضيع هدفه. ويصل الصاروخ المعادي إلي
هدفه في إسرائيل".
وكانت صحيفة "عنيان ميركازي" الإليكترونية أكثر جرأة في اختراق أمر حظر
النشر، وغمزت القيادات الإسرائيلية التي طالبت بالتكتم علي الفضيحة. وأكدت
تفاصيل الموضوع المنشور بمعاريف، وحيت الصحفي (بن كسبيت) الذي كشف تفاصيل
فضيحة أمنية، كان من الممكن أن تستمر، أو تكتشف ويتكتم عليها العسكريون.
وفي المقابل رصدت صحيفة "العربي" المصرية الموضوع في منتديات الحوار بمواقع
الانترنت الإسرائيلية، وبخاصة موقع صحيفة معاريف صاحبة السبق الصحفي،
فلاحظت بوضوح، ودون مبالغة انخفاضا واضحا في المعنويات، وهجوما علي المؤسسة
الحاكمة والقيادة العسكرية، والأخيرة تعتبر بمثابة بقرة مقدسة لم يجرؤ
الناس علي مهاجمتها، إلا بعد هزيمتهم في أكتوبر 1973، التي سميت بالعبرية
"المحدال" أي التقصير، وهو نفس الوصف الذي أطلقته صحيفة عنيان ميركازي علي
فضيحة الصاروخ حيتس.
فبين الذهول، وعدم تصديق ما حدث، رصدت الصحيفة بعض تعليقات الزوار، فنقلت
عن شاب إسرائيلي سمى نفسه باسم (درور) قوله: "أنا لا أنام خوفا من أن تتوقف
الصورايخ عن الانطلاق في يوم الحساب، وساعتها لن أغفر لجنرال برمجيات،
قوله أنه أخطأ في التقدير وأن المصريين فعلا نجحوا في زرع برنامج تافه عطل
منظومة الدفاع الصاروخي بأكملها. هناك أشياء لا يصح التهريج فيها".
وقال شخص يرمز لنفسه بالاسم الكودي (إنسان يخاف علي أمن إسرائيل): "إلي كل
الإسرائيليين الثرثارين، وإلي كل زوار المنتدى الذين لا يجيدون سوي توجيه
النقد اللاذع سواء للصحفي أو الصحيفة، لكن الحقيقة أن أيا منكم لا يعرف
شيئا عما يتكلم عنه، ولا يمكن أن يدعي واحد من جنرالات التحليل في هذا
المنتدى البائس، أنه يعرف بالضبط ماذا فعل المبرمجون المصريون في برنامج
الصاروخ "حيتس"، ما هي الشفرة التي عملوا علي إصلاحها، وما هو مدي أهميتها،
وخطورتها. الذي نعرفه أن المبرمجين الإسرائيليين واجهوا مشكلة مستعصية في
البرنامج، وطلبوا مساعدة الشركة التي صنعته أصلا. لكن لماذا تستعمل هذه
الشفرة في برنامج الصاروخ "حيتس" أنا لا أعلم، ولا أظن أن أحدكم يعلم، فلا
تدعوا الحكمة، لأن الأمر ليس بهذه السهولة".
مش قادر يصدق يا عيني.....
وهنا قال (منشي) وهو جندي بالجيش: "أعرض على كل العالم دولة للبيع، لقد
تحولنا من دولة مشهورة بأنها تملك أقوى جهاز مخابرات في العالم، إلى أكبر
دولة مغفلة في العالم، لا عجب، إذ أن الفلسطينيين وحزب الله حولونا إلي
سيرك. المصريون لا يستطيعون زرع شفرة طروادة في منظومة تشغيل الصاروخ فقط،
تلك الشفرة التي يمكن أن تعرقل تشغيل الصاروخ وتضر به، لكنهم أيضا يستطيعون
حل الشفرات المكتوبة بالعبرية، وبالتالي يرصدون أية أوامر تصدر بالانتقال
إلي وضع الاستعداد للضرب، ويتسببون في حمل زائد علي الجهاز يدمر المنظومة
الدفاعية بالكامل.
وأخيرا قال (نون)، وهو شخص قدم نفسه علي أنه خبير برمجيات مشهور لا يحب ذكر
اسمه، وأنه يحب أن يعرِف زوار المنتدى بأبعاد وخطورة فضيحة الصاروخ "حيتس"
فقال: "بما أنني خبير في البرمجيات، ومتخصص في أمن المعلومات أريد أن أقول
أن تدخل المصريين في برنامج (MOTIF)، حتى لو كان برنامجا كل وظيفته تشغيل
المنظومة بالعبرية مع الحفاظ علي الشكل الجرافيكي لها، هو أمر خطير بكل
المقاييس، وتدخلهم هذا قد يسفر عن مخاطر وإضرار لا حصر لها لجميع أجزاء
منظومة الدفاع الصاروخي، سواء برنامج التشغيل، أو برنامج التحكم المركزي في
بطاريات الصواريخ، ومنظومة الرادار الملحقة به.
ورد عليه (دافيد) وهو مبرمج آخر مؤمنا علي كلامه، ومضيفا أن الجيوش عادة
تستخدم برنامج تشغيل واحدا في كل أجهزتها ووحداتها العسكرية، وأن الأمر قد
يقتضي تغيير منظومة البرمجة في الجيش بأكمله.
وعلي صعيد آخر فإن فضيحة الصاروخ حيتس التي نشرتها معاريف فتحت في المنتدى
جملة فضائح إسرائيلية أخري، فيما يمكن أن نسميه ب (الثقب التكنولوجي
الإسرائيلي)، الذي تتسرب منه أشد المعلومات حساسية، فقد نشرت صحيفة يديعوت
أحرونوت أن القناة العاشرة وهي قناة إخبارية خاصة استطاعت، أن تلتقط بهوائي
عادي بث سري لتجربة إطلاق الصاروخ حيتس أيضا، رغم أن هذا البث الإليكتروني
كان من المفترض أن يكون مؤمنا لأنه يجري داخل دائرة تليفزيونية مغلقة تضم
موقع إطلاق الصاروخ، ومقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، أما صحيفة معاريف فقد
كشفت عن فضيحة أخري لاختراق أجهزة الكومبيوتر في البنك "الوطني" الإسرائيلي
وسحب كميات هائلة من أرصدة العملاء. ولم ينتبه العاملون بالبنك إلا بعد
انتهاء العملية. ولم تغفل بالطبع الإشارة إلي الفضيحة الأخيرة التي فجرتها
بشأن الصاروخ حيتس.
كل هذه المعطيات جعلت عددا لا حصر له من زوار المنتدى يلعنون الحكومة
والدولة والجيش المقدسات الثلاثة في إسرائيل، فيقول (موشيه): "ماذا حدث
لإسرائيل - نحن نسير من فشل إلي فشل".
ويرد عليه (إريك): "لا شك أن مجموعة من المغفلين تحكم إسرائيل".
ويعيب (يانيف) علي بن كسبيت محاولته طمأنة الناس عندما قال إن وزارة الدفاع
بدأت تحقيقات مكثفة بهذا الشأن ويقول: "هل يعني ذلك أن نشعر بالاطمئنان،
وننام مرتاحي البال لأن التحقيق يتم بواسطة محققي وزارة الدفاع، ما هذا
العبث، لا نهاية للحمق، والعبث!! يجب تحييد رجال الجيش عن أي عملية تحقيق
جادة".
أما أظرف الردود فجاءت من شخص رفض كتابة اسمه واكتفي بالإشارة لنفسه بالرقم
(15)، وقال: "هذه هي دولتنا القوية، اقترح خصخصة وزارة المالية، وتعيين
وزير دفاع مصري".
ويقول (يعقوب): "سمعنا من فترة، أن مناقشات سرية دارت بشأن الصاروخ حيتس،
التقطت بلاقط هوائي عادي في التليفزيون، ويحتمل أن تكون تفاصيل حساسة وصلت
لأيدي المصريين، يجب أن نكف عن شغل الهواة، والسذج، لأننا لا نمتلك سوى
دولة واحدة، وكل خطأ ضخم بهذا الحجم يشكل كارثة علينا وعلي أبنائنا".
وسخرت منه فتاة من عرب 48 أسمت نفسها، (حبيبة المصري) قائلة: "الجايات أكثر
من الرايحات"!.



أما ما تم توجيهه لجهازنا المصري في الماضي كانت قضية انحراف جهاز
المخابرات فهي باختصار شديد:

بعد هزيمة 1967 (النكسة) شكل الرئيس جمال عبد الناصر لجنة خاصة للتحقيق في
عمل أجهزة المخابرات وعرفت هذه القضية بقضية (انحراف جهاز المخابرات
العامة).بدأ التحقيق في أغسطس 1967 وتناول سوء استخدام النساء و التبديد في
الأموال السرية للجهاز، و قد تم التحقيق مع الكثير من الفنانات و14 ضابط
من الجهاز و خلافه.
وأسفرت التحقيقات التي قادها محمد نسيم قلب الأسد في النهاية عن إدانة صلاح
نصر وسجنه إضافة إلى كل من:
- حسين عليش نائب رئيس الجهاز
- ثلاثة ضباط مخابرات
- ثلاثة أفراد من خارج الجهاز
- أربعة ضباط فقط مما يعني أن الموضوع لم يكن سياسة عامة.
و يجب أن نشير أيضا إلى أن جهاز المخابرات نفسه هو الذي أبلغ رئيس
الجمهورية بوجود هذه المخالفات مما يدلل على نقاء هذا الجهاز و حرصه على
مصلحة البلاد.

وهنا يعترف صلاح نصر: (معظم أعمال المخابرات غير مشروعة لكنها مباحة.. لأن
المصلحة العليا للدول