بسم الله الرحمن الرحيم

( ابحث عن الكنز والجواهر في رمضان .. ودع الحطب والشوك )

قصة قصيرة لثمانية ضاعوا في الصحراء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

كل عام وأنتم بخير


وإليكم هذه القصة بمناسبة شهر رمضان المبارك

وهذه إطلالة لنشر القصة من مصدرها منبر الداعية

فساهموا معنا بنشرها

وهذه خريطة تفصيلة إجمالية تسهل عملية إداراك القصة وروايتها للكبار والصغار





القصة :


خرج ثمانية من النفر للبحث عن عمل ( ومعهم حكيم ) …

وهم في طريقهم للبلد المقصودة .. إذا بهم يتيهون في الصحراء …

ولم يعرفوا لهم طريقاً مؤدية إلى مبتغاهم ..

فاستظلوا بجبل ريثما يتعرفون على الطريق .. أو يأخذ بيدهم أحد المارة

فلما همّوا بالاستراحة إذا بهم يسمعون صوتا من داخل الجبل يناديهم ..

فهرعوا نحو الصوت

وإذا ببوابة في الجبل تفتح لهم …. ويسمعون صوتاً ينادي عليهم

ضيافتكم ثلاثة أيام … خذوا ما تشاؤون … وكلوا واشربوا ..

هذه فرصتكم التي تبحثون عنها !!!

دخل الثمانية وهم فرحون .. وكأنهم في حلم … يستطلعون الكهف ..

وإذا في الكهف 6 أشياء :


1 - الطعام والشراب ( مما لذ وطاب ) .

2 – شوك على هيئة ورد .. ( للخداع والزينة ) .

3 – حطب بكميات كثيرة .

4 – وسائل نقل متعددة .

5 – جواهر لا تقدر بثمن ( غير متوفرة إلا في هذا المكان ) .

6 – كنز لا يعرف مكانه . ويحتاج لبحث وتحرٍ ..




اتجه الأول نحو الطعام والشراب .. وبدأ يأكل بشره !!

فقال الحكيم له : يا رجل ... لم نخرج للأكل والشرب بل خرجنا للعمل ..

وها هي الفرصة أمامنا .. ليس أمامنا سوى جمع النفيس ..

فرد : الآن أنا جائع ... ومعنا من الوقت ما يكفي لجمع الكثير !!!

المهم الآن .. الطعام اللذيذ الفاخر ... وبعدين نفكر بالعمل !!!

توجه الثاني نحو الطعام والشراب والشوك ( الذي على هيئة ورد ) ..

فبدأ الحكيم بتحذيره منه لأنه شوك .. وإذا نشب في الجسم لا يخرج بسهولة

ولكنه لم يلتفت له .. وبدأ بشمه والإمساك به .. وبدأت معاناته ..

وتعلّق به الشوك .. فكلما أخرج شوكة ظهرت له ( وردة ) ليمسكها

وإذا بها شوكة ...

فتنشب في جسمه ... ولكن لم يتعظ !!! وأدمن على ذلك العمل ..

وتوجه الثالث للشوك والحطب ليجمعه ...

فقال الحكيم له : احذر من الشوك .. ودع عنك الحطب ... واشتغل بالجواهر !!

ولكن لا حياة لمن تنادي ...

وكانت إجابته : دعني وشأني فأنا الأدرى بما يصلح لي !!

وتوجه الرابع للحطب مع أخذه قليلاً من الجواهر ..

فقال الحكيم له : اجمع من الجواهر ودع الحطب ( فالحطب موجود في الخارج )

بينما الجواهر والكنز هنا فقط ... هذه فرصة لا تعوض ...

فأجاب الرابع : أنا لا أعرف سوى مهنة الحطابة ( فأنا حطاب أباً عن جدّ )

وقليل من الجواهر تكفيني .. فهذا ما أستطيع جمعه !!

فقال الحكيم : إذا أردت الربح الحقيقي ..

فالجواهر تغنيك عن كل حطب الأرض ...

لم يبال الحطاب بكلام الحكيم ... وأكمل عمله بجمع الحطب !!!

وتوجه الخامس نحو الجواهر وبدأ يجمعها في الكيس .... وبجواره السيارة الرياضية التي اختارها ...

فجاءه الحكيم : وربت على كتفه وقال : حسناً فعلت .. ولكن ما رأيك باختيار سيارة أكبر .. حتى تحمل أكثر ..

فأجابه الخامس : ولكني أحب السيارات الرياضية .. وهي من هواياتي ..

وبدأ يتحدث عن أنواع السيارات ...

والحكيم يستمع ..

فلما انتهى .. قال الحكيم له : ولكن بجوهرة واحدة تشتري عدداً من السيارات

وهذه واحدة فقط .. فالأفضل جمع أكبر قدر ممكن من الجواهر واختيار ناقلة أكبر لحمل الجواهر .. فهذه لن تحمل إلا القليل ...

أجاب الخامس : ولكن هذه السيارة رائعة .. ولا تقاوم !!!

تركه الحكيم ..



وتوجه للسادس الذي رآه يجمع الجواهر في السيارة ( النقل ) الكبيرة

ففرح لاختياره وبارك له العمل ... ولكن وجده يرمي بالجواهر بعشوائية

ودون ترتيب ...

فقال له : لماذا لا ترتبها ؟ وتخطط لتنظيمها ؟

فأجاب : لا يوجد وقت !!

فقال الحكيم له : ولكن لو رتبتها ستجمع الكثير في وقت وجيز ...

خطط ونظم وستجد أنك جمعت أضعاف هذه الكمية ...

أجاب السادس : أعرف ذلك .. ولكني لا أحب التخطيط .. خلي الأمور بالتساهيل !!!

تركه الحكيم ... وهو متحسر من هذه المجموعة التي خرجت معه ...

ولكن أثار دهشته السابع ... حيث سمع حواره مع السادس .. وبدأ بترتيب الجواهر

وجمعها ونتظيمها حسب الشكل ( حتى لا تأخذ حيزاً كبيراً )

فابتسم الحكيم له وقال : بارك الله فيك ..

ولكن تذكر ... وأنت تجمع وترتب ( أن تبحث عن الكنز ) وتجتهد فيه

وبدأ الحكيم بجمع الجواهر .... مع بحثه عن الكنز ....

حتى عثر عليه بفضل الله ....

ولم يلتفت للحطب والشوك والملهيات

بعد عرض هذه القصة اللطيفة الرمزية ...

نتساءل : أليست طريقة تعاملنا مع رمضان تشبه هذه الأصناف ؟

دعونا نأخذها صنفاً صنفاً ....

الأول : الذي اشتغل بالطعام والشراب ...

وهذا الصنف نجده حين يأتي رمضان .. لا يلتفت إلا للموائد والولائم

والعروض الرمضانية ....

الثاني : الذي اشتغل بالطعام والشراب والشوك ( الذي على هيئة ورد )

وهذا من انتظر جديد المسلسلات والكميرات الخفية والبرامج الرمضانية

التي تلهي عن الطاعة .. والتي تحمل في طياتها الكثير من المعاصي

بل الكبائر !!!!

فتجد الثاني ... من قناة لقناة .. يتابع ويتابع .. ولا يستطيع إغماض عينيه

بسبب التشويق ( اتباع الهوى ) والإدمان الذي تقصّده أصحاب القنوات ..

فلا يستطيع منها فكاكاً إلا بشق الأنفس ( بالتوبة النصوح ) .

الثالث : مثل الثاني .. ولكن يحاول أن يجتهد بالمفيد ( الحطب )

الرابع : يحب العمل ولكن لا يقدر قيمة الجواهر ...

فينشغل بالمباح ( الذي يوجد في غير رمضان )

عن الواجب ( الذي لا يوجد إلا في رمضان ) ..

ينشغل بالحطب عن الجواهر ...

ولو أدرك ركعتين في رمضان من التراويح ( الجواهر ) لاعتبرها شيئاً يكفيه !!

الخامس : فهو الشاب المتحمس للخير .. يجمع الجواهر ( يعمل الخير ويزداد منه )

ولكن لا يفكر بالاستمرار فيه ، فهي فترة للعبادة وتنقضي ( وتعود حليمة لعادتها القديمة )

فهو يجمع الجواهر الكثيرة .. ولا يتمكن من نقلها والاستفادة منها بسبب اختياره تلك السيارة الصغيرة .

وهذه هي النقطة الجوهرية في التعامل مع رمضان ...

فهو مدرسة .. ودورة تدريبية .. يتخرج منها الإنسان صالحاً مصلحاً ..

مستمراً على ما كان يعمل من الطاعات في رمضان ....

السادس : هو الذي يستزيد من رمضان وبكثرة .. وينوي الاستمرار ما بعد رمضان

ولكن استزادته ( عشوائية ) دون تنظيم للوقت ... ووضع خطة لختم القرآن ..

غير منظم في النوم والاستيقاظ ... وهكذا ...

وهذا جيد غير أنه ينقصه التنظيم .. حتى يشعر بالإنجاز فيفرح بفضل الله

ويزداد أكثر وأكثر

أما السابع : فهو المنظم المخطط المتميز .. الذي يستزيد من هذا الشهر

ويعلم أنه محاسب على الدقيقة ، فيستغلها أحسن استغلال .

وحين يسمع بالكنز ( ليلة القدر ) فستجده يجتهد للحصول عليه ...

أما الثامن : فهو الحكيم المرشد الذي ينظر إلى الناس بعين الحب ..

ينصحهم ويرشدهم ويبادر بنفسه لما يرشدهم إليه .

وأخيراً ... تحديد الأيام الثلاث .. يقابل 30 يوماً وهو شهر رمضان

وتحديدها يعني أنها غير مفتوحة الوقت ..

وإنما تحتاج لاستغلال لأنها قليلة وستنقضي ..

السؤال الآن للقارئ الكريم :

ماذا تصنف نفسك من بين هؤلاء الثمانية ؟

لطفاً .... أجب بشفافية في المشاركات

أسأل الله التوفيق والسداد والقبول

وحقوق النشر في المنتديات والوسائل الإعلامية والمجموعات البريدية لكل مسلم


بقلم أخيكم

د. منتصر هيثم الرغبان